أحدثت شهادة سلطان نبيل قاسم، أحد ضحايا الانتهاكات على يد جماعة الإخوان الإرهابية في مأرب، زلزالًا سياسيًا وأمنيًا بعد أن كشف كيف تحول فرع جهاز المخابرات هناك إلى أداة قمع خطيرة تخدم أجندة حزب الإصلاح، الذراع السياسية للجماعة الإرهابية.
الشهادة لم تكتف بكشف تفاصيل التعذيب، بل فضحت تورط قيادات نافذة في عمليات اغتيال وتصفية جسدية لمعارضيهم.
مخطط اغتيال يفضح المستور
قاسم روى كيف عرض عليه القيادي الإخواني هلال الفيشاني تشكيل عصابة مسلحة مقابل خمسين مليون ريال، لتنفيذ عملية اغتيال تستهدف القائد العسكري محسن البيضاني داخل المستشفى.
غير أن قراره بإبلاغ البيضاني بالمخطط جعل منه لاحقًا هدفًا للانتقام، حيث تعرض لملاحقات وضغوط انتهت باعتقاله على يد عناصر أمنية محسوبة على التنظيم.
التعذيب كوسيلة للإخضاع
بحسب تفاصيل الشهادة، فإن قاسم نقل إلى أماكن احتجاز غير قانونية، وتعرض لصنوف من التعذيب شملت الصعق الكهربائي والحبس في دورة مياه ضيقة لمدة خمسة عشر شهرًا، في محاولة لإجباره على تغيير أقواله لصالح القيادي المتورط.
كما تلقى عروضًا من مسؤولين إخوانيين بالإفراج عنه مقابل تعديل شهادته، لكنه رفض، ليُجبر لاحقًا على توقيع وثائق مزورة تبرئ الفيشاني وتدين ضحايا آخرين.
مأرب بين مطرقة الحوثي وسندان الإخوان
ما جرى في مأرب أعاد إلى الأذهان أساليب القمع التي مارسها الحوثيون في مناطق سيطرتهم، وهو ما يثير قلقًا واسعًا من أن الجماعة الإرهابية تعيد إنتاج ذات النموذج تحت غطاء مؤسسات الدولة.
وبدلًا من أن تكون الأجهزة الأمنية درعًا لحماية المواطنين، تحولت إلى أداة تستخدم في تصفية الخصوم وتثبيت النفوذ السياسي لحزب الإصلاح.
الاعترافات التي أدلى بها قاسم تركت أثرًا بالغًا في الشارع اليمني، حيث اعتبرها كثيرون دليلًا إضافيًا على أن مأرب باتت على صفيح ساخن، فالممارسات الممنهجة من قبل القيادات الإخوانية لا تهدد فقط استقرار المحافظة، بل تضرب ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة وتفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والانقسام.
دعوات للتحرك والمحاسبة
مع اتساع أصداء الفضيحة، علت أصوات تطالب المجلس الرئاسي بالتحرك العاجل لوضع حد لهذه الانتهاكات ومحاسبة القيادات المتورطة، باعتبار أن استمرارها يهدد بتقويض ما تبقى من سلطة الدولة في مأرب.
ويرى مراقبون، أن تجاهل الملف قد يترك فراغًا أمنيًا تستغله جماعات مسلحة أخرى، ويعيد تكرار سيناريوهات الانهيار التي شهدتها محافظات أخرى.
فضائح المخابرات الإخوانية في مأرب تكشف أن المعركة لم تعد مقتصرة على مواجهة الحوثيين، بل باتت مرتبطة أيضًا بكيفية ضبط ممارسات الأطراف التي تدعي الانتماء إلى الشرعية بينما تمارس ذات الأدوات القمعية.