ذات صلة

جمع

التعليم والثقافة في اليمن.. ضحية حرب مليشيات الحوثي الإرهابية

منذ سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية على مؤسسات الدولة التعليمية...

ترامب يلمح لاتفاق سلام محتمل بين موسكو وكييف بعد قمة ألاسكا

كشفت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عقب...

“الإخوان” الإرهابية عبء متزايد على المشهد الأردني

تشهد الساحة الأردنية في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في...

تجميد الحسابات البنكية للبطريركية الأرثوذكسية.. استهداف إسرائيلي للوجود المسيحي بالقدس

أثار قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتجميد الحسابات البنكية للبطريركية...

هل انتهى زمن “الردع”؟.. ترسانة حزب الله بين الدمار والعجز

بعدما فتح حزب الله جبهة الجنوب اللبناني في 8 أكتوبر 2023 دعمًا لحركة حماس في غزة، كان يمتلك ترسانة عسكرية توصف بالضخمة، تضمّن ذلك قرابة 150–200 ألف صاروخ بمختلف المدى، وطائرات مسيّرة، وأسلحة مضادة للدبابات والسفن والطائرات، إلى جانب قذائف مدفعية وعتاد ثقيل.

إلا أن الحرب التي استمرت أكثر من عام مع إسرائيل، وما تبعها من ضربات شبه يومية طيلة الشهور الثمانية الماضية، أسفرت عن تدمير جزء كبير من هذه الترسانة.

وتُقدّر الخسائر – وفق مصادر استخباراتية وتقارير عسكرية – بنحو 70 إلى 80% من القدرة الصاروخية وأغلب منظومة الطائرات المسيّرة.

الجيش اللبناني يتدخل

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام -في يونيو-، أن الجيش اللبناني فكك أكثر من 500 موقع عسكري ومستودع أسلحة تابع لحزب الله في الجنوب، تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار.

كما أشارت تقارير إلى تدمير وإغلاق شبكات أنفاق في المناطق الحدودية، كان الحزب يستخدمها لنقل السلاح وتخزينه.

انهيار خطوط الإمداد.. وضغوط خارجية

وتفاقمت أزمة الحزب مع سقوط حليف دمشق، بعد وصول السلطة الانتقالية إلى سوريا، ما أنهى فعليًا طريق الإمداد العسكري الذي كان يربط بين إيران ولبنان، كما تعرضت طهران نفسها لضربة استراتيجية مزدوجة على يد واشنطن وتل أبيب خلال الحرب الأخيرة، ما قيّد قدرتها على مواصلة الدعم العسكري النوعي.

وبحسب مصادر سورية، تم إحباط عدة محاولات تهريب أسلحة عبر الحدود السورية– اللبنانية في الشهور الماضية، ما يُظهر نجاحًا جزئيًا في تجفيف منابع التسليح.

محاولات تصنيع محلي

ورغم هذه الانتكاسات، ما يزال حزب الله يحاول ترميم جزء من قوته، ووفقًا للخبراء العسكريين فإن الحزب “يواصل إنتاج بعض الأسلحة محليًا، لا سيما صواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيّرة الصغيرة، في ورش تصنيع داخل الأراضي اللبنانية”.

وقد اعترض الجيش اللبناني مؤخرًا حاوية تحمل قطع غيار لطائرات مسيّرة كانت في طريقها إلى الحزب، ما يشير إلى استمرار محاولاته لامتلاك أدوات الردع الجوية.

في هذا السياق، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إلى أن الغارات الأخيرة على البقاع والجنوب استهدفت “أكبر موقع لإنتاج الصواريخ الدقيقة” تابع للحزب.

الضربات الإسرائيلية لا تتوقف

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل تنفيذ غارات شبه يومية على مناطق نفوذ الحزب، وتحديدًا في الجنوب والبقاع.

وتؤكد تل أبيب، أن أهدافها تشمل مستودعات أسلحة، وقيادات ميدانية، وبنى تحتية عسكرية.

وهذه الضربات المتواصلة – والتي أسفرت عن مقتل الأمين العام السابق حسن نصرالله وعدد من قادة الصف الأول – تجعل من إعادة ترميم القدرات العسكرية للحزب مسألة محفوفة بالمخاطر.

التراجع البشري والهيكلي

بينما أعلن الحزب قبل الحرب امتلاكه ما يصل إلى 100 ألف مقاتل، إلا أن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قدّر العدد بأقل من النصف، وتشير الإحصاءات اللبنانية إلى مقتل أكثر من 4000 عنصر من الحزب خلال الحرب الأخيرة، إلى جانب آلاف الجرحى، معظمهم من الكوادر الميدانية والقيادات العسكرية.

كما تعرضت منظومات الاتصال التابعة له لضربات مركّزة، حيث فجّرت إسرائيل آلاف أجهزة “البيجر” والاتصالات اللاسلكية، ما أثر على شبكة القيادة والسيطرة لدى الحزب.

مقايضة السلاح.. خيارات على الطاولة

وفي ظل هذا الضغط العسكري والسياسي، يُطرح سيناريو مفاوضات بين الحزب والدولة اللبنانية برعاية دولية، خاصة بعد إعلان الحكومة اللبنانية نيتها تجريد الحزب من سلاحه قبل نهاية العام.

وتشير معلومات مسرّبة، أن حزب الله أبدى مرونة حيال تسليم “السلاح الاستراتيجي” كالصواريخ البعيدة المدى، في حال انسحبت إسرائيل من المناطق التي احتلتها خلال الحرب، وتم السماح بإعادة الإعمار في الجنوب، مقابل احتفاظه بسلاح دفاعي محدود كالمسيّرات وصواريخ الكورنيت.

ما تبقى من ترسانة حزب الله؟

ووفق التقديرات العسكرية، عدد الصواريخ المتبقية هو بضعة آلاف من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، بينما الطائرات المسيّرة جزء صغير منها، مع محاولات تصنيع داخلي.

أما السلاح الخفيف والمتوسط ما زال بحوزة عناصر الحزب، بينما القدرة على إعادة التسليح محدودة للغاية نتيجة العزلة الإقليمية والضربات المستمرة.

وقبل الحرب كان يمتلك حزب الله بحسب التقديرات نحو 150–200 ألف صاروخ وطائرات مسيرة، وبحسب تقارير إسرائيلية خسر حزب الله بعد الحرب 80% من ترسانته الصاروخية وكذلك من طائراته المسيرة التي استخدمها بكثافة خلال الحرب مع إسرائيل.

مستقبل غامض في ميزان السلاح

ويجد حزب الله نفسه في مرحلة حرجة من تاريخه العسكري، فترسانته تآكلت، وقياداته تراجعت، وخطوط إمداده انهارت، وبينما تبدو إسرائيل عازمة على منع أي محاولة لإعادة بناء القوة، تواجه الدولة اللبنانية ضغوطًا داخلية ودولية لنزع سلاح الحزب وتحقيق السيادة الكاملة.

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى مستقبل سلاح حزب الله رهن التوازنات الإقليمية، والصفقات السياسية المقبلة، وسط إصرار شعبي ودولي على أن تكون الدولة وحدها صاحبة القرار العسكري في لبنان.