رغم فضح المساعي التركية في استغلال الصومال، بموافقة الرئيس فرماجو، لكنها ما زالت ساعية في مخططاتها الفاسدة الإجرامية، لنشر الفوضى والإرهاب وتفشي الفساد بالبلاد والقرن الإفريقي كله، من خلال دعم الجماعة الإرهابية والسيطرة على مقديشو اقتصادياً من خلال استثمارات مشبوهة.
تحاول الحكومة التركية الضغط على الدولة الصومالية اقتصادياً من خلال استثمارات مثيرة للجدل، على رأسها أنه في سبتمبر 2014، تم الإعلان عن أن الحكومة الصومالية سلمت مهام إدارة ميناء مقديشو البحري الدولي، المتوقف عن العمل، لشركة “البيراق” التركية لمدة عشرين عاماً، والتابعة عائلة بيرت البيراق صهر عائلة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وبموجب ذلك الاتفاق يتم منح الشركة التركية نسبة 51% من إيرادات الميناء للحكومة الصومالية، وهو ما يظهر مدى الاستغلال التركي لمقديشو على علم من الحكومة، فضلاً عن إمكانية التلاعب بتلك الأرقام، حيث إن إيرادات الميناء شهرياً تتراوح ما بين 12 إلى 15 مليون دولار، وهو ما يعني 180 مليون دولار سنوياً.
وبالفعل تلاعبت شركة البيراق التركية في إيرادات الميناء الصومالي، والذي بلغ في عام 2018 حوالي 95 مليون دولار، بينما زيفته الشركة التركية ليكون 29 مليون دولار، ونهبت باقي المبلغ وحققت أرقاماً كبيرة لها، وهو ما تكرر في العام التالي، بجانب إعفائها من الضرائب رغم كل ذلك النهب والسرقة العلنية والفساد الضخم بالميناء، وهو ما أثار تساؤلات حول إعفاء الضرائب لهذه الشركة التركية.
وفي المقابل أتاح الرئيس فرماجو لتركيا استغلال بلاده بكل السبل على أن يستمر في منصبه الرئاسي، لينهب البلاد بيده الأخرى، لتتوطد علاقة الطرفين الاستغلالية، بينما عملت شركة البيراق على تقديم جزء من تلك الأموال المنهوبة إلى الحركات الإرهابية بمقديشو ودعمهم سياسياً، وفي مقدمتهم حركة الشباب التي تسيطر على ميناء مقديشو.
ولهذه الأسباب، يسعى أردوغان عبر كل السبل غير المشروعة لضمان استمرار حليفه الصومالي بالسلطة بعد الانقلاب الشعبي الأخير ضده والاستعداد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية خلال الأشهر المقبلة، كونه يعتبر مقديشو بوابته الأمثل للدخول إلى القرن الإفريقي، مستغلاً كل الوسائل، حتى التلاعب بالماراثون الرئاسي المقبل.
ويراهن الرئيس التركي بقوة على إعادة انتخاب الصومالي محمد عبدالله فرماجو خلال الانتخابات المقبلة، بتقديمه دعماً قوياً له والوقوف خلفه، في ظل إعلان رجل الأعمال أبشير عدن فيرو، الترشح للانتخابات الرئاسية، وإضفائه نكهة مناهضة لتركيا.
وتعتبر تركيا الجيش الصومالي الضمانة للحفاظ على تواجدها داخل الصومال، لذلك تقدم له دعماً ضخماً مؤخراً بين معدات وتدريبات عسكرية والتعاون الدفاعي وقاعدتها للتدريب العسكري، بجانب توسيع نطاق نفوذها السياسي، حيث تسعى لسحب قوات بعثة الاتحاد الإفريقي من الصومال، لتكون أنقرة هي القوة المهيمنة على تشكيل الجيش في البلد الإفريقي الضعيف.
كما يحاول أردوغان “تتريك الصومال”، حتى يتمكن من تحويلها لولاية تابعة لأنقرة، ضمن مخططه لاستعادة الحكم العثماني، فسعى لإلغاء هويتها العربية وإنشاء مدارس لتعليم الأطفال اللغة التركية، بجانب تدخلاته للسيطرة على القرارات السياسية والحكومية، والتأثير على قرار حكوماتها لصالح مشروعه في المنطقة والقرن الإفريقي.