بعد التوصل لهدنة خلال الساعات القليلة الماضية، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، شهدت عدة مناطق ومدن سودانية اشتباكات، بعد فترة وجيزة من سريان هدنة التي توصل إليها الطرفان بضغط من الولايات المتحدة الأميركية.
وتصاعد الدخان في مطار الخرطوم ومحيط القيادة العامة والقصر الجمهوري بالعاصمة اليوم، وهي المناطق التي تدور فيها أعنف الاشتباكات المسلحة بين الفرقاء العسكريين لليوم الخامس على التوالي، وفق شبكة “سي إن إن”.
وحلقت الطائرات الحربية في سماء الخرطوم، وسُمع دوي نيران الدبابات بعد وقت قصير من بدء الهدنة، وقال أحد السكان لوكالة رويترز: إنّه سمع ضربة جوية في أم درمان، على الضفة الأخرى للنيل المواجهة للخرطوم، وأفاد العديد من الشهود بأنّ قوة برية كبيرة تابعة للجيش دخلت المدينة من الشرق.
وأصدر الجيش وقوات الدعم السريع بيانين تبادلا فيهما الاتهامات بعدم احترام وقف إطلاق النار، وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة إنّها ستواصل عملياتها لتأمين العاصمة والمناطق الأخرى.
بينما حذّرت قوات الدعم السريع في السودان من محاولات تقوم بها بعض العناصر الإسلامية المتطرفة الموالية للجيش بارتكاب جرائم باسمها، وقد تبرأت من عمليات النهب وحرق الأسواق التي أبلغ عنها في مناطق متفرقة بالبلاد.
فيما قُتل ما لا يقل عن 270 شخصاً، وأصيب أكثر من 2600 خلال 4 أيام من الاضطرابات في السودان، بحسب ما أعلنت منظمة الصحة العالمية، نقلاً عن مركز عمليات الطوارئ بوزارة الصحة السودانية.
وأعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في بيان أوردته (بي بي سي) أمس، أنّ الآلاف من المدنيين ما زالوا محاصرين في منازلهم، وأنّهم مختبئون من القتال، بدون كهرباء، وغير قادرين على الخروج، ويخشون من نفاد الطعام ومياه الشرب والأدوية.
وكان التوتر بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قد تحول إلى مواجهات عنيفة اندلعت، السبت الماضي، بعد تصعيد في الخلافات السياسية في الأسابيع الأخيرة في شأن دمج “الدعم السريع” في الجيش في إطار مرحلة انتقالية نحو الحكم المدني.
ومنذ ذلك الحين تتواصل المعارك بالأسلحة الثقيلة فيما تدخل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقار لقوات الدعم السريع. وينتشر عناصر “الدعم السريع” باللباس العسكري ومدججين بالأسلحة في الشوارع ويقاتلون للسيطرة على منشآت عسكرية ومقار حكومية في البلاد.
ورغم إعلان بعثة الأمم المتحدة في السودان موافقة البرهان و”حميدتي” على وقف القتال لمدة ثلاث ساعات، بدءاً من الرابعة مساء الأحد بالتوقيت المحلي للسماح بعمليات الإجلاء الإنسانية، تم تجاهل الاتفاق إلى حد كبير بعد فترة وجيزة من الهدوء النسبي، وفي ليل الأحد، أفاد السكان بوقوع قصف مدفعي وضربات جوية في كافوري بالخرطوم بحري، حيث توجد قاعدة لقوات الدعم السريع.
كما دعت الولايات المتحدة والصين وروسيا ومصر والسعودية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، الأحد، إلى إنهاء فوري للأعمال القتالية التي تهدد بتفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة تشهد توتراً بالفعل.
وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في تصريحات تلفزيونية، إنهم إذا استمعوا لصوت العقل فسوف يعيدون قواتهم التي جاءت إلى الخرطوم، لكن إذا استمر الأمر “سنضطر” إلى نشر قوات داخل الخرطوم “من مناطق مختلفة”.
وقالت القوات المسلحة على صفحتها على “فيسبوك”: “لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة”، وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة؛ ما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر.