تفاقمت الأوضاع في السودان بصورة مخيفة لليوم الثالث على التوالي، وارتفع عدد الضحايا حتى الآن إلى 97 قتيلاً وما لا يقل عن 365 جريحاً، وفق ما أعلنت نقابة أطباء السودان، صباح الاثنين.
وفي ظل ذلك، تتوالى الدعوات الدولية إلى وقف القتال المتواصل لليوم الثالث بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مع سماع إطلاق نار ودوي انفجارات في العاصمة الخرطوم وأنحاء مختلفة من البلاد.
ودعا الجيش في بيان، فجر الاثنين، منسوبي قوات الدعم السريع إلى الانضمام لصفوفه، مؤكداً لهم أنه سيجدون “ما يستحقونه من تأهيل وتقدير”، ولن يتم تسريحهم، كما اعتذر الجيش في البيان “عن الظروف الصعبة التي يعايشها شعبنا خلال هذه الأيام”، ملقياً باللوم على “تمرد قيادة الدعم السريع غير المبرر على الدولة”.
وكان التوتر بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قد تحول إلى مواجهات عنيفة اندلعت، السبت الماضي، بعد تصعيد في الخلافات السياسية في الأسابيع الأخيرة في شأن دمج “الدعم السريع” في الجيش في إطار مرحلة انتقالية نحو الحكم المدني.
ومنذ ذلك الحين تتواصل المعارك بالأسلحة الثقيلة فيما تدخل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقار لقوات الدعم السريع. وينتشر عناصر “الدعم السريع” باللباس العسكري ومدججين بالأسلحة في الشوارع ويقاتلون للسيطرة على منشآت عسكرية ومقار حكومية في البلاد.
ويصعب حالياً تشخيص الوضع الميداني بدقة؛ إذ أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على المطار، السبت، الأمر الذي نفاه الجيش، وتقول هذه القوات إنها دخلت القصر الرئاسي، وهو ما ينفيه الجيش أيضاً، مؤكداً أنه يسيطر على المقر العام لقيادته العامة. أما التلفزيون الرسمي فيؤكد كل من الطرفين السيطرة عليه، لكن سكان محيطه يؤكدون أن القتال متواصل فيما تكتفي المحطة ببث الأغاني الوطنية.
ورغم إعلان بعثة الأمم المتحدة في السودان موافقة البرهان و”حميدتي” على وقف القتال لمدة ثلاث ساعات، بدءاً من الرابعة مساء الأحد بالتوقيت المحلي للسماح بعمليات الإجلاء الإنسانية، تم تجاهل الاتفاق إلى حد كبير بعد فترة وجيزة من الهدوء النسبي، وفي ليل الأحد، أفاد السكان بوقوع قصف مدفعي وضربات جوية في كافوري بالخرطوم بحري، حيث توجد قاعدة لقوات الدعم السريع.
كما دعت الولايات المتحدة والصين وروسيا ومصر والسعودية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، الأحد، إلى إنهاء فوري للأعمال القتالية التي تهدد بتفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة تشهد توتراً بالفعل.
ويتنافس الجيش مع قوات الدعم السريع، التي يقدر محللون قوامها بنحو 100 ألف جندي، على السلطة، بينما تتفاوض الفصائل السياسية على تشكيل حكومة انتقالية منذ انقلاب عسكري في 2021.
وفي الإطار ذاته، وصفت صحف بريطانية محاولة قوات الدعم السريع السيطرة على القصر الرئاسي و3 مطارات على الأقل بأنّها محاولة انقلاب.
ولفتت إلى أنّ قادة الطرفين المتنازعين يتقاسمان السلطة في السودان في غير ارتياح منذ 2021، لكنّ التوترات احتدت مؤخراً إزاء مفاوضات على تسليم السلطة للمدنيين.
ونقلت “صنداي تايمز” عن مدير تحرير صحيفة السوداني ياسر عبد الله القول: إنّ البلاد تنزلق إلى “حرب أهلية شاملة على نحو خطير للغاية”.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ مُطلق شرارة العنف الأولى لا يزال غير معروف على وجه التحديد. ويقول الجيش: إنّ قواعده العسكرية قد هوجمت من قِبل قوات الدعم السريع التي تتهم بدورها الجيش بأنّه مَن استهدف مقرات تابعة لها، متحدثة عن انقلاب بالنيابة عن الرئيس المخلوع عمر البشير.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ التوترات برزت حول مقترح بدمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش الوطني، لكنّ كلا الطرفين لم يتفقا على إطار زمني أو على مَن يقود الكيانين حال دمجهما معاً.
وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في تصريحات تلفزيونية، إنهم إذا استمعوا لصوت العقل فسوف يعيدون قواتهم التي جاءت إلى الخرطوم، لكن إذا استمر الأمر “سنضطر” إلى نشر قوات داخل الخرطوم “من مناطق مختلفة”.
وقالت القوات المسلحة على صفحتها على “فيسبوك”: “لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة”، وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة؛ ما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر.