ذات صلة

جمع

روسيا تجند مرتزقة يمنيين بمساعدة الحوثيين للقتال في أوكرانيا.. ما التفاصيل؟

جندت القوات المسلحة الروسية مئات الرجال اليمنيين للقتال في...

خيانة تحت ستار القضية.. فضائح إخوانية في تركيا تخدم إسرائيل

في السن الأخيرة، تفاقمت فضائح جماعة الإخوان الإرهابية في...

الحكومة الإسرائيلية تقرر مقاطعة صحيفة عبرية لهذه الأسباب

وافقت الحكومة الإسرائيلية، السبت، بالإجماع على مقاطعة صحيفة "هآرتس"...

التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.. مواجهة تنذر بتوسع دائرة الصراع

شهدت الآونة الأخيرة تصعيدًا لافتًا في المواجهات بين حزب...

انتكاسات مصرفية وفساد مالي وأزمة رياض سلامة وسيطرة حزب الله.. أسباب انهيار الاقتصاد اللبناني

يرتبط تطور النظام المصرفي ودخوله الأسواق العربية والعالمية في لبنان بمراحل الازدهار، إلا أن تاريخ هذا القطاع البارز في البلاد حافل بعديد من الأزمات والانتكاسات الحادة، ولعل أبرزها تلك التي يشهدها لبنان منذ عدة سنوات، وقد أتت بعد ثلاثة عقود من الاستقرار النقدي والمصرفي.

ما شهده القطاع المصرفي خلال السنوات الأخيرة، أسقط القناع عن هشاشة البناء المصرفي، وأعاد إحياء تاريخ انعدام الاستقرار الذي سبق عصر الاستقرار “المصطنع”، الذي رافق لبنان منذ استقلاله، حيث شهد هزات مصرفية كبيرة ترافقت مع الأزمات السياسية، وفقا لما نشره موقع “الإندبندنت” البريطاني.

وأشار إلى أنه في ستينيات القرن الماضي، حصلت أزمات مصرفية عدة كان أولها في فبراير (شباط) 1964، في نفس العام الذي تأسس فيه مصرف لبنان، انهيار مصرفين هما البنك العقاري والبنك التجاري، إلا أنه سرعان ما تم تطويق الأزمة عبر إصدار مجموعة من الأحكام القضائية، التي اعتمدت على قوانين التجارة بدلاً من قانون النقد والتسليف حديث العهد، وفي العام الذي تلاه انهار بنك “سوجيكس”؛ ما دفع مصرف لبنان إلى الحد من الترخيص للبنوك التجارية، وتصفية عديد من البنوك ودمجها.

ولكن تلك الإجراءات لم تمنع الانهيار الكبير في خريف 1966، حيث اعتبرت أزمة بنك “إنترا” أكبر هزة مصرفية شهدتها المنطقة، وارتبطت أسباب فشل المعالجات المحلية حينها بأزمة التمويل الأميركية في عام 1966 إذ لم تنحصر آثارها النقدية بما رتبته على الاقتصاد الأميركي ومصادر تمويل المؤسسات الأميركية وارتفاع معدل الفائدة، بل انسحبت أيضاً على الاقتصاد اللبناني الصغير والمفتوح.

وشكلت تلك الأزمة الاختبار الأصعب على النظام اللبناني، الذي استطاع محاصرتها عبر اتخاذ إجراءات استثنائية سريعة وحاسمة لمنع تفاقمها، خلُصت إلى إسقاط بنك “إنترا”، ولكن إنقاذ القطاع المصرفي عبر إصدار قانون رقم 2/67، عُرف بقانون إنترا، وضع الشروط التي تنظم عملية إدارة أي مصرف يتوقف عن الدفع، حيث ضمن حقوق صغار المودعين وتحويل كبار المودعين إلى مالكين للبنك.

ولم تكن الحرب اللبنانية تطوي آخر فصولها، حتى برزت قضية إفلاس “بنك الازدهار” بسبب تجاوزه هامش التسليف عام 1989، حينها كانت البلاد منقسمة بين حكومتين عسكرية في المنطقة الشرقية ومدنية في المنطقة الغربية، وبعد سبع سنوات نال المودعون حقوقهم بعد تسوية رعاها المصرف المركزي.

أما “بنك المدينة” عام 2003، فكان الفضيحة الكبرى التي شوهت بدايات عصر “الاستقرار”، وعكس سوء الإدارة وهيمنة المخابرات السورية عليه، حيث اتهمت باستخدام أمواله لتمويل نشاطها المخابراتي في لبنان. وما زال التحقيق جارياً لدى القضاء اللبناني، بتهم الغش والفساد المالي وتبييض الأموال.

وفي عام 2011 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مالية ضخمة على البنك اللبناني الكندي، بتهمة استخدام حساباته من قِبل ناشطين في تجارة المخدرات والسلاح لمصلحة “حزب الله”، إضافة إلى غسل الأموال؛ ما أدى إلى إغلاقه ودمجه مع مصرف لبناني آخر وفق خطة للاستحواذ نظمها المصرف المركزي اللبناني.

وقبل ثلاثة أشهر من أزمة المصارف الحالية التي بدأت في أكتوبر عام 2019، أدرجت الخزانة الأميركية أيضاً، “جمال ترست بنك” والشركات التابعة له في لبنان على لائحة “أوفاك”، متهمة إياه بتسهيل الأنشطة المالية لـ”حزب الله”.

وفي عام 2018، استناداً إلى قانون تجفيف منابع تمويل “حزب الله” الذي أصدره الكونغرس الأميركي سابقاً، تقدم مواطنون إسرائيليون بدعاوى ضد 11 مصرفاً لبنانياً مطالبين بتعويضات عن خسائر لحقت بهم في حرب يوليو (تموز) 2006، معتبرين أن تلك المصارف أسهمت بتمويل “حزب الله”، والأمر نفسه في دعوى أخرى تقدمت بها 252 أسرة أميركية، قُتِل أفراد منها أو جرحوا خلال مشاركة القوات الأميركية في حرب العراق (2003 – 2011)، مطالبة تلك المصارف بدفع تعويضات مالية عن الخسارة التي لحقت بها، والمصارف هي “سوسيتيه جنرال”، “فرنسبنك”، “الشرق الأوسط وأفريقيا”، “بلوم”، “بيبلوس”، “عودة”، “بنك بيروت”، “لبنان والخليج”، “اللبناني الفرنسي”، “بيروت والبلاد العربية”، و”جمال ترست بنك”.

وفي مرحلة الانهيار الكبير الذي يعيشه لبنان، برز دور القضاء الأوروبي الذي يصفه البعض بأنه بات البديل عن القضاء اللبناني المتخبط نتيجة انعدام استقلاليته والانقسامات التي يشهدها. ويعكس تحرك النيابات العامة في أكثر من دولة أوروبية تجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدد من رؤساء مجالس المصارف اللبنانية، مدى متابعة القضاء الأوروبي لما يعتبره تبييض أموال وإثراء غير مشروع.

ومن المتوقع أن يمثل حاكم مصرف لبنان أمام نائبة رئيسة محكمة الاستئناف في باريس القاضية أود بوروزي، في 16 مايو المقبل، حيث يتوقع توجيه اتهامات إليه بشبهة جمع ثروة ضخمة في أوروبا، تشتمل على أموال وعقارات، من خلال ترتيبات مالية معقدة واختلاس كميات ضخمة من الأموال العامة اللبنانية.

ولمنع تذرع سلامة بقرار منع السفر للتهرب من المثول أمام القضاء الفرنسي، أصدرت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، قرار رفع منع السفر عنه.

وتتخوف مصادر قريبة من فريق سلامة القانوني، من خضوعه للاستجواب في باريس، وما يمكن أن يسفر عن ذلك من احتمال توجيه الاتهام إليه بعدد من الجرائم المالية. وفي هذا الصدد يدرس وكيل الدفاع عن سلامة المحامي بيار-أوليفييه سور جدوى تلبية طلب مثول موكله، إذ برأيه يحظر قانون العقوبات الفرنسي بشكل صارم الاستماع إلى شخص بصفة “شاهد” إذا كانت هناك مؤشرات بمشاركته في الجرم الذي يتم التحقيق فيه، لافتاً إلى أن القاضية نفسها استمعت إليه في بيروت في منتصف مارس (آذار)، بصفة شاهد الأمر الذي يعتبره مخالفاً للقانون.
ووجه القضاء الفرنسي، أواخر مارس الماضي، لائحة اتهامات لمدير بنك “الموارد” مروان خير الدين الذي كان ضمن المشمولين أيضاً بالتحقيقات الأوروبية في لبنان، وشملت اللائحة، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، “تأليف عصابة إجرامية للمساعدة في اختلاس الأموال العامة من قِبل موظف عمومي”، في إشارة على الأرجح إلى رياض سلامة، على حساب الدولة اللبنانية.

ويواجه خير الدين الذي أوقف في مطار شارل ديغول أثناء وصوله إلى باريس قادماً من كندا وسحب منه جواز سفره ومنع من السفر مؤقتاً، احتمال الادعاء عليه في الشبهات الموجهة إليه.

وتشير المعلومات إلى أن الوفود القضائية الأوروبية ستعود إلى لبنان للمرة الثالثة على التوالي في 23 أبريل الجاري، لمتابعة الاستماع إلى عدد من “الشهود” في القضايا نفسها التي تطال سلامة ومصارف أخرى، كذلك احتمال الاستماع إلى وزير المال يوسف خليل الذي شغل سابقاً منصب مدير العمليات المالية في مصرف لبنان.

وفي هذا السياق كشف رئيس المركز السويسري لدعم الديمقراطية فرانكو عبدالقادر، أن التأخير الحاصل في ملف ملاحقة سلامة مرتبط بتأخير القضاء اللبناني عن إجابات ومراسلات ومعلومات طلبت منه، مؤكداً وجود تنسيق بين القضاء السويسري والفرنسي ضمن اتفاقيات تبادل المعلومات الجنائية في الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن “الانفصام” في المواقف الفرنسية بين إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يتعامل مع النظام السياسي – المصرفي الحاكم في لبنان، في وقت يلاحق القضاء الفرنسي رموزه، أمر غير مستغرب يعكس استقلالية القضاء ومصداقية الملاحقات بحق سلامة وعدد من المصرفيين الآخرين.

وأكد أن المدعي العام الاتحادي سيطلب الاستماع قريباً لسلامة في سويسرا، وذلك بعد الانتهاء من الاستماع إليه في باريس، لافتاً إلى أنه حالياً يعتبر رهن التحقيقات أمام القضاء السويسري الذي حجز على أصول يملكها هو وشقيقه، كذلك الأمر بالنسبة لملايين الدولارات المودعة في حسابات مصرفية في عدة بنوك سويسرية.

بدوره، كشف عضو رابطة المودعين الصحافي هادي جعفر، عن دعاوى قدمت باسم المودعين أمام القضاء في أكثر من دولة أوروبية، وذلك “بسبب فشل القضاء اللبناني بتحقيق العدالة ومحاسبة مجرمين ارتكبوا مذبحة مالية في هذا الحجم بحق الناس”.

وأشار إلى أن رابطة المودعين تقدمت بشكويين في سويسرا وتقدمت بطلب فرض عقوبات أمام الاتحاد الأوروبي، وأن من بين هؤلاء رئيس جمعية المصارف سليم صفير ورئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين ورئيس مجلس إدارة بنك “SGBL” أنطون الصحناوي وآخرين.

وأضاف: أن هذه التحركات بدأت توضع بثقلها على العدالة الدولية، لاسيما أن أموال عمليات الفساد تمت عبر البنوك الأوروبية، معتبراً أن مؤشرات العدالة التي غاب عنها القضاء اللبناني، بدأت عبر استدعاء سلامة وملاحقة خير الدين واتهامه وحجز جواز سفره، وملفات ودعاوى قضائية طور التحضير على مختلف الشخصيات المصرفية اللبنانية، مؤكداً استكمال المواجهة ورفع الدعاوى على المصارف لتبيان حقيقة هؤلاء المصرفيين وسمعتهم السيئة، وأن رابطة المودعين تعمل على دعوى قضائية سوف تشكل مفاجأة مدوية للمصارف.

spot_img