من آسيا لأوروبا وأفريقيا، تسعى إيران بكل جهدها لتخريب الدول ونشر العنف والإرهاب بها، إذ تتولى أجهزتها الاستخباراتية ترسيخ الميليشيات الإجرامية والنظام الإيراني بعدة بلاد، وهو ما كشفه بالتفصيل ضابط سابق في اعترافات مسجلة.
نشر موقع “إيران إنترناشيونال” مقطع فيديو عن استجواب حميد رضا محمد أبراهه، ضابط الوحدة 853 التابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية في تنزانيا، أن النظام الإيراني تسلل إلى إفريقيا من خلال نافذة التعاون الاقتصادي، ويهدف إلى إساءة استخدام قومية البلوش الأفارقة للقيام بأعمال إرهابية.
وعمل حميد رضا محمد أبراهه على إنشاء شبكة سرية غير رسمية بهدف تجنيد عملاء وتعزيز أنشطة وزارة الاستخبارات الإيرانية في إفريقيا للنفوذ في الحكومات المحلية والقيام بأنشطة إرهابية والاختطاف وحذف الأهداف الغربية والقضاء عليها في القارة الإفريقية، وتم القبض على حميد رضا محمد أبراهه، باسمه المستعار “حميد سالاري”، بدار السلام في نوفمبر الماضي، البالغ من العمر 45 عامًا من أهالي مدينة زابل جنوب شرقي إيران وبدأ تعاونه مع وزارة الاستخبارات منذ 15 عامًا.
وفي 6 ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الهجرة في تنزانيا عبر بيان عن ترحيل مواطن إيراني يُدعى حميد رضا محمد أبراهه، الذي حصل، وفقًا للوزارة، على تأشيرات مختلفة عبر تقديم مجموعة من المستندات المزورة، بما في ذلك شهادة زواج، وأعلنت الحكومة في تنزانيا أنه بعد توقيف واستجواب حميد رضا محمد أبراهه، تبين أنه كان يسعى إلى أعمال تخريبية ضد مواطني تنزانيا وعدة دول أخرى.
وبحسب مقطع فيديو استجواب أبراهه، فقد قال هذا الضابط الاستخباراتي الإيراني: “يجب أن أقوم بكل ما تطلب مني وزارة الاستخبارات من خدمة أو عمل”، وأضاف: “مهمتي الأساسية هي إنشاء شبكة من الأشخاص لوزارة الاستخبارات في خطة مدتها خمس سنوات ثم خطة مدتها 10 سنوات، حتى يتمكنوا من فعل ما يريدون هنا”.
وتابع حميد رضا محمد أبراهه في هذا الاستجواب: “أنا باعتباري حميد سالاري، عليّ أن أعمل على هذه الخطوات الثلاث: البحث عن أشخاص ووضعهم في مكانهم والموافقة عليهم. يجب عليهم تعلم اللغة، والحصول على وثائق هوية، وعليهم أن يكونوا قادرين على التحرك والتواصل مع الأشخاص الكبار والأشخاص العاديين”.
وتقع تنزانيا في شرق إفريقيا، إلى جانب كينيا وأوغندا، وتستضيف نحو 30 ألف بلوشي هاجروا إلى هناك منذ 300 عام.
وعلى الرغم من أنه ينتمي إلى محافظة سيستان وبلوشستان وشيعي، ولكن حميد رضا أبراهه قدم نفسه على أنه بلوشي وسني في تنزانيا لكي يتمكن من الدخول إلى مجتمع البلوش هناك، وقال أبراهه في التحقيق: هناك دائرتان في جابهار وزاهدان إيران تدعمهما، وطلبت يوما منهما: “ابحثوا فقط عن أشخاص إيرانيين أو باكستانيين من البلوش ولديهم بعض المعرفة بتنزانيا ومستعدون للبقاء هنا لبعض الوقت”.
وأوضح أبراهه أنه من أجل إخفاء طابع عمله الاستخباراتي في تنزانيا، كان يقوم بما يلي: إرسال المعلومات والرسائل من خلال الزوجات اللاتي يأتين لزيارة أعضاء الفروع السرية؛ فصل الرحلات وتفضيل استخدام الرحلات ذات التوقفات المتعددة (أربع محطات) حتى المقصد؛ وشراء الهواتف وحجز الفنادق وسيارات الأجرة وتأجير السيارات والشقق من خلال وسطاء وإنشاء علاقات افتراضية سرية.
وكان قائد أبراهه شخص يدعى “سيد محمد” الذي طلب منه توظيف ثلاثة عملاء كل عام والتواصل مع 10 أشخاص من المجتمع البلوشي في تنزانيا من أجل الحفاظ على طابع عمله الاستخباراتي. وتظهر الوثائق التي تلقتها “إيران إنترناشيونال” أن أبراهه قام بجذب بعض الأفراد خلال هذه الفترة.
وقال أبراهه في التحقيق: إن “هذه الشبكة والمحطة التنزانية غير الرسمية يجب أن تكون قادرة على فعل كل شيء وهذه هي الأهداف الرئيسية لوزارة الاستخبارات في جميع أنحاء العالم”.
وكشف هذا الضابط الإيراني في اعترافاته عن هيكل جميع دوائر وزارة الاستخبارات ومهامها. وقال إن النشاط الرئيسي للقسم الخارجي هو جمع المعلومات الاستخبارية حول إسرائيل وأميركا والسعودية وجمهورية أذربيجان.
وأظهرت المعلومات التي تم الحصول عليها من استجواب أبراهه عن المنافسة الشرسة بين وزارة الاستخبارات وجهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني، لدرجة أنه، بحسب ما قال “الفشل الاستخباراتي لكل من هاتين المؤسستين يؤدي إلى إسعاد الأخرى”.
جدير بالذكر أن هذا العنصر في الوحدة 853 بوزارة الاستخبارات تم تسليمه لإيران بعد اعترافاته في تنزانيا.
يُذكر أنه في العقدين الماضيين، حاول النظام الإيراني الاقتراب من البلدان الإفريقية من خلال الاستثمار وإرسال وفود اقتصادية وتجارية. وكشف أبراهه في تقريره عن الأسلوب الجديد نسبيًا الذي تتبعه وزارة الاستخبارات والمسمى بالمبعوثين غير الرسميين، حيث لا يذهب الأشخاص في مهمات رسمية ولا يكونون على اتصال بالسفارات.