طالب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانس غروندبرغ بضرورة بذل الجهود من أجل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، والوصول إلى تسوية سياسية دائمة للصراع.
ويأتي ذلك بينما ما زال الوضع العسكري العام في اليمن مستقراً بشكل نسبي، منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في 2 أبريل 2022، ومرور ما يقرب من عام من انخفاض مستويات العنف، لكنّ هذا الهدوء هش، بحسب غروندبرغ.
وأبدى المبعوث الأممي، في إحاطة لمجلس الأمن، مخاوفه من تصاعد الاشتباكات في عدة مناطق متعددة على خط المواجهة، لاسيّما جبهات مأرب وتعز. مطالباً الأطراف المتصارعة بممارسة أقصى درجات ضبط النفس خلال هذه الفترة الحرجة، بما في ذلك الامتناع عن تصعيد الخطاب العام؛ لتجنب زعزعة الاستقرار.
وأضاف غروندبرغ: أنّه إضافة إلى الهدوء النسبي، يستمر تنفيذ شروط الهدنة، على الرغم من عدم تجديدها مؤخراً، وبفضل الوساطة الأردنية تستمر الرحلات الجوية التجارية 3 مرات في الأسبوع بين صنعاء وعمّان، كما أشار إلى استمرار دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة مع سلع أخرى.
ومع ذلك، فإنّ هذه المكاسب هشة أيضاً، بحسب غروندبرغ، الذي حذّر من أنّ الحياة اليومية لا تزال تشهد صراعاً بالنسبة إلى معظم اليمنيين.
كما لفت المبعوث الأممي في إحاطته إلى أنّ الوضع الاقتصادي لا يزال مروعاً، في ظل القيود الجديدة التي تعيق حرية تنقل المدنيين، ولاسيّما النساء، وتعيق كذلك الحركة التجارية بين مختلف أنحاء البلاد. وقال غروندبرغ: إنّ وصول اليمنيين إلى الخدمات الأساسية لا يزال محدوداً.
وأضاف: “هذا يؤكد ما قلته منذ عام تقريباً؛ الهدنة لا يمكن إلّا أن تكون نقطة انطلاق. نحن بحاجة ماسة للبناء على ما تم تحقيقه من خلال الهدنة، والعمل من أجل وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وتسوية سياسية شاملة لإنهاء الصراع في اليمن”.
وتابع: إنّ الجهود الدبلوماسية المكثفة جارية الآن على مستويات مختلفة لإنهاء الصراع في اليمن، وتشهد تلك المرحلة “زخماً دبلوماسياً إقليمياً متجدداً، وخطوة تغيير في نطاق وعمق المناقشات”، مبدياً ترحيبه بالجهود المستمرة للدول الأعضاء في المنطقة، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، مطالباً أطراف الصراع باغتنام الفرص التي أوجدها الزخم الإقليمي.
ودعا غروندبرغ جميع الأطراف إلى الحفاظ على وجود بيئة مواتية للمناقشات، وإتاحة المساحة والوقت اللازمين للمناقشات لتؤتي ثمارها. محذّراً من أنّ نفاد الصبر في هذا المنعطف يهدد بالعودة إلى دائرة العنف، ويخاطر بتفكيك ما تم تحقيقه من تقدّم.
كما أكد أنّه لا يمكن للحلول قصيرة الأجل، والنهج المجزأ، إلّا تحقيق تخفيف جزئي للعنف، وقال: إنّ “وقف إطلاق النار، والتسوية السياسية المستدامة، لا يمكن تحقيقهما إلّا من خلال نهج أكثر شمولية”. ذلك أنّ أيّ تفاهم يتم التوصل إليه، في إطار المناقشات الجارية، يجب أن يترجم إلى اتفاق بين اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة، كما أنّ استئناف العملية السياسية هو عنصر مركزي في هذا الصدد.
وشدد المبعوث الأممي في إحاطته لمجلس الأمن أنّه يجب أن تأخذ العملية السياسية في الاعتبار تعقيدات الصراع في اليمن، وقال: إنّها ستكون عملية صعبة، تتطلب تخطيطاً قوياً، ورؤية مدعومة بالتزام الطرفين. مضيفاً أنّه يجب أن تكون العملية السياسية التي تعالج هموم وتطلعات الشعب اليمني شأناً يخصّ اليمنيين، وأن تكون عملية شاملة. وأضاف أنّه يجب أن يشمل الحل السياسي أصوات مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة اليمنيين، بما في ذلك الشباب والمجتمع المدني والنساء.
وأشاد غروندبرغ بالاتفاق الذي توسطت فيه الصين بين السعودية وإيران بشأن استعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، قائلاً: إنّ الاتفاق سيكون له تأثير إيجابي على اليمن. وقال: “اسمحوا لي أيضاً أن أغتنم هذه الفرصة للترحيب بالاتفاق الأخير بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، والذي سهلته جمهورية الصين الشعبية، هذا الاتفاق وتكريس علاقات حسن الجوار مهمّان للمنطقة ولليمن”.
غروندبرغ حث الأطراف المتصارعة على اغتنام الفرصة التي يتيحها هذا الحراك الإقليمي والدولي لاتخاذ خطوات حاسمة نحو مستقبل أكثر سلاماً. وهذا يتطلب، بحسب تعبيره، الصبر واعتماد منظور طويل الأمد، وهو ما يتطلب الشجاعة وحسن القيادة.