رغم الاضطرابات والأحداث الصعبة التي تشهدها تركيا حاليا جراء الزلزال المدمر، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما زال متمسكا بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بشهر مايو المقبل، ما يثير جدلا واسعا بالبلاد التي تخيم عليها حالة حزن عامة.
وتزامنا مع ذلك، حذر بنك غولدمان ساكس من احتمال اضطراب سوق الصرف الأجنبية في الفترة التي تسبق الانتخابات التركية، وذلك في أعقاب سنوات من نضوب احتياطي العملة وإجراءات أخرى مكلفة.
بينما ذلك ليس الاحتمال الأساسي، قال البنك المدرج في وول ستريت: إن المشاكل قد تتفجر إذا انتاب المدخرين والشركات القلق من أن التحول إلى سياسات اقتصادية تقليدية بشكل أكبر في ظل حكومة جديدة قد يغذي اضطرابات في سوق العملات الأجنبية على المدى القصير.
وأضاف بنك “غولدمان ساكس” في مذكرة بحثية بعنوان “الضبابية الحالية في السوق تشكل مخاطر كبيرة، من وجهة نظرنا”، أنه يمكن للسلطات أن تعرض على البنوك المحلية مقايضات للعملات الأجنبية وتحاول طمأنة من لديهم أموال مودعة في الحسابات المصرفية المحمية من تقلبات أسعار الصرف، والتي استحدثت في عام 2021 لوقف هبوط الليرة في ذلك العام، لكن هذه الإجراءات قد لا تنجح.
وقال محللو بنك غولدمان ساكس “بالنظر إلى الطبيعة قصيرة الأمد للأدوات، فمن المستبعد أن يكون الوقت في صالح السلطات، و”من ثم، نعتقد أنه ستكون هناك حاجة إلى حلول مؤقتة”.
وأشاروا إلى أنه إذا استمرت المشاكل فسوف تنخفض الليرة خاصة في ظل النضوب الحاد لاحتياطيات العملة التركية في السنوات القليلة الماضية.
ويقدر بنك غولدمان ساكس أنه بمجرد إخراج الأصول غير السائلة مثل الذهب وخطوط التبادل الثنائية للعملات وحقوق السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي من المعادلة، فإن احتياطيات تركيا ستصل إلى 42 مليار دولار فقط بعد الزلزال المدمر الذي تعرضت له الشهر الماضي.
ويقارن ذلك بمركز مجمع قصير الأجل للعملات الأجنبية، أو انكشاف، للبنك المركزي والخزانة بقيمة 260 مليار دولار. وقد نما ذلك بمقدار 206 مليارات دولار منذ منتصف عام 2018 فيما يرجع بشكل رئيسي إلى الودائع المحمية والمبادلات التي أجريت مع البنوك المحلية.
ولفت بنك غولدمان ساكس إلى أنه”سينطوي الأمر على مخاطر سيولة كبيرة إذا اضطربت هاتان السوقان”، مضيفا أن العودة إلى سياسات اقتصادية تقليدية بشكل أكبر سيكون على الأرجح مفيدا لتركيا على المدى الطويل.
وقبل أيام معدودة، نشر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تقريراً تضمن أن التداعيات الاقتصادية المحتملة للزلزال القوي الذي ضرب تركيا قد تسفر عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1% هذا العام.
ومن ناحيتها، ذكرت بياتا يفورتشيك كبيرة الخبراء الاقتصاديين بالبنك لرويترز: “أثر الزلزال إلى حد كبير على مناطق زراعية ومناطق تضم صناعات تحويلية خفيفة، لذلك فإن تداعياته على القطاعات الأخرى محدودة”.
وتم تعديل توقعات النمو في تركيا، أكبر متلق للتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بالانخفاض إلى ثلاثة بالمئة من 3.5 بالمئة في 2023 بدون حساب تأثير الزلزال في هذه التقديرات، وسجلت الليرة التركية انخفاضا قياسيا جديدا أمس الأربعاء.
فيما قدر اتحاد الشركات والأعمال في تركيا، حجم خسائر الزلزال بنحو 84 مليار دولار، متوقعا ارتفاع عجز الموازنة من 3.5% إلى 5.4% على الأقل، وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، قد توقعت أن تتجاوز الخسائر الاقتصادية جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا “ملياري دولار” و”قد تبلغ 4 مليارات دولار أو أكثر”.
ومن المتوقع أن تلحق الزلازل أضرارا بالإنتاج في المناطق المنكوبة التي تمثل 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، وأظهرت بيانات بورصة الطاقة في إسطنبول تراجع استخدام الكهرباء في تركيا بنسبة 11% يوم الاثنين مقارنة بالأسبوع السابق بما يعكس حجم تأثر الاستهلاك، ومن شأن هذه الأضرار أن تؤثر على النمو الاقتصادي هذا العام.
وأظهرت الحسابات الأولية لـ”بلومبرغ إيكونوميكس”، بشكل منفصل أنَّ التكاليف المرتبطة بالكارثة، بما فيها جهود إعادة البناء، قد تقترب من 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وستخفض النمو الاقتصادي بنقطتين مئويتين هذا العام، إذ إن الحكومة ستضطر للقيام بجهود إعادة إعمار ضخمة قبل انتخابات حاسمة.