في ظل مساعي تونس الجادة لتأسيس الجمهورية الجديدة والتخلص من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية التي كانت تقود البلاد إلى الهاوية، تقتلع السلطات كل أطراف شبكة الانقلاب لإنهاء أي مخاطر محتملة جديدة، خاصة مع انتخاب برلمان جديد قوي خالٍ من أعضاء حركة النهضة الإخوانية.
ولذلك الهدف تنفذ البلاد حملة توقيفات موسعة مؤخرا للقبض على أذرع الفساد، وكان آخرهم القيادي الإخواني السيد الفرجاني، المتورط في قضية التآمر على أمن الدولة.
ويعرف الفرجاني برجل الجهاز السري الخاص داخل تنظيم الإخوان في تونس، واتهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل زين العابدين بن علي سنة 1991 بما يعرف في تونس بـ”قضية براكة الساحل”، وهو رجل أمن سابق، عزله الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في السبعينيات بعد ثبوت انتمائه لتنظيم الإخوان.
كما أن القيادي الإخواني أنشأ مكتبا سريا منذ 2011 في ضواحي العاصمة تحت مسمى شركة وهمية تضم 25 عنصرا من التنظيم الإخواني يعملون في تبييض الأموال ورسم المخططات لإدخال السلاح للبلاد لنقلها للجماعات الإرهابية في ليبيا.
وتعود تفاصيل خلية الانقلاب إلى 27 يناير الماضي، إذ كانت تهدف للانقلاب على الحكم في البلاد عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلا، مستغلة بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي، إلا أن قوات الأمن والاستخبارات التونسية تمكنت من إفشال هذا المخطط عن طريق تتبع مكالماتهم واتصالاتهم وخطواتهم ليتبين أن خيام التركي وهو الشخصية التي أجمع عليها الإخوان لخلافة قيس سعيد، كان حلقة الوصل فيها.
والتقت قيادات إخوانية في منزل خيام التركي الناشط السياسي ومرشح الإخوان للحكومة سنة 2019 رفقة رجل الأعمال المعروف بـ”رجل الدسائس” كمال لطيف ودبلوماسيين ورجال أعمال آخرين، بالضاحية الشمالية بسيدي بوسعيد.
وتورط في هذه القضية 86 شخصا سياسيا ورجال أعمال وإعلاميون ودبلوماسيون، كما تم ضبط مكالمات هاتفية بين أفرادها والقصر الرئاسي بقرطاج من أجل إسقاط النظام، فيما خططت هذه المجموعة لتحريك الشارع برفع الأسعار والتحكم في المواد الغذائية.
وثبت تورط المتهمين بعلاقات مع استخبارات وجهات أجنبية للإطاحة بالحكم وإلغاء دستور 2022 والإبقاء على دستور الإخوان لسنة 2014 مع تعيين حكومة جديدة.ومن بين المورطين في القضية الفرنسي الملقب بعراب الفتن برنار هنري ليفي الذي تعامل معه هؤلاء المعتقلون لقلب نظام الحكم.
كما تضمنت حملة التوقيفات التي تشنها السلطات التونسية ضد الإخوان، اعتقال الناشط السياسي خيام التركي، وعبد الحميد الجلاصي، القيادي الإخواني والبرلماني السابق عن حركة النهضة، وكمال لطيف رجل الأعمال التونسي، بالإضافة إلى فوزي الفقيه، وهو أكبر مورِّد للقهوة في تونس، وسمير كمون، وهو أحد موردي الزيوت النباتية، والأخيران متهمان بالمضاربة والاحتكار، وسامي الهيشري المدير العام السابق للأمن الوطني.
وكان خيام التركي قيادياً بارزاً في حزب التكتل الديمقراطي بين عامَيْ 2011 و2014، وقد رشحه الحزب وزيراً للمالية في حكومة حمّادي الجبالي، لكنّه انسحب إثر تورطه في قضايا فساد مالي، كما رشّحته حركة النهضة مع أحزاب أخرى لمنصب رئاسة الحكومة عام 2020، لكنّ الرئيس قيس سعيد كلف هشام المشيشي بهذه المهمة.
كما أن قوات الأمن التونسي اعتقلت المحامي الأزهر العكرمي ووزير العدل السابق الإخواني نور الدين البحيري، الملقب بـ “العقل المدبر لإخوان تونس”، بالإضافة إلى رجل الأعمال صاحب النفوذ الواسع في مجال المال والسياسية، كمال اللطيف، ورئيس محكمة التعقيب السابق الطيب راشد، وقاضي التحقيق السابق البشير العكرمي، الذي كان مكلفاً بملف اغتيال المعارضين السياسيين: شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، والقيادي في حركة “النهضة” فوزي كمون المدير السابق لمكتب رئيس الحركة راشد الغنوشي.
ومن المحتمل أنّ حركة “النهضة” تُخفي وثائق ومعطيات خطيرة حول تورُّطها في الاغتيالات السياسية عندما كانت تدير الحكم وتسيطر على وزارة الداخلية، ويتهمها خصومها بإنشاء “الغرفة السوداء” داخل الوزارة لطمس تلك الوثائق، وتبرئة نفسها من شبهات إحداث الجهاز السري المسؤول عن الاغتيالات.