في 6 يناير، اعترضت الولايات المتحدة 2000 قطعة سلاح هجومية كانت في طريقها من إيران إلى اليمن، وبعد تسعة أيام، احتجزت سفينة فرنسية زورقًا آخر محملاً بالأسلحة الإيرانية في طريقه إلى اليمن، إلى جانب البنادق الهجومية والذخيرة، وكان هناك 23 صاروخًا موجهًا متطورًا مضادًا للدبابات، وبحسب القيادة المركزية الأميركية، كانت هذه رابع عملية ضبط كبيرة لأسلحة إيرانية تُرسل إلى اليمن خلال الشهرين الماضيين.
ومما لا شك فيه أن شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين في اليمن ليست جديدة، إذ تزود إيران الحوثيين بالأسلحة، بما في ذلك مكونات الصواريخ الباليستية التي تسمح للجماعة باستهداف الرياض وأبوظبي ودبي، منذ عام 2017 على الأقل، ولكن يبدو أن هناك زيادة في الشحنات مؤخرًا، وهو أمر غير مرجح أن يُعزى إلى المزيد من الدوريات أو ذكاء أفضل، حيث إن هذه الزيادة تأتي في أعقاب وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر والهدوء النسبي في القتال، وهو أمر مثير للقلق، وفقا لتقرير مفصل أعده معهد دول الخليج العربية في واشنطن يتناول العلاقات بين الحوثي وإيران التي تسببت في زيادة الصراع باليمن.
وقد يكون لإيران الآن ما يكفي من النفوذ والنفوذ مع الحوثيين لإفشال أي اتفاق سلام طويل الأجل بشكل فعال، ومن حقائق الحرب في اليمن أنه كلما طالت الحرب كلما اقترب الحوثيون وإيران، وهذه في حد ذاتها مفارقة مأساوية، حيث خاضت السعودية حربًا في اليمن في مارس 2015 لمنع هذا السيناريو بالضبط، وفي ذلك الوقت، كانت المملكة العربية السعودية قلقة من أن الحوثيين، الذين سيطروا على صنعاء في سبتمبر 2014، قد يصبحون وكيلًا إيرانيًا على غرار حزب الله على حدودها الجنوبية.
وفي السنوات التي سبقت التدخل العسكري عام 2015، كان لدى الحوثيين وإيران أفضل ما يمكن وصفه بأنه عامل جذب متبادل، إذ نظرت إيران إلى الحوثيين على أنهم جماعة يمكن أن تسبب ألم السعودية، بينما رأى الحوثيون إيران كصديق محتمل ونقطة مقابلة للسعودية، لكن لا يزال هناك قدر من الحذر على كلا الجانبين، حيث إن الحوثيين تقليديون من الشيعة الزيديين، وهو ما يختلف عقائديًا عن نوع الشيعة الإثني عشرية الذي يمارس في إيران، وكان بعض قادة الحوثيين حذرين من إعطاء إيران نفوذًا كبيرًا حيث حاولت الجماعة إحياء مشروع ديني زيدي.
وأرسلت إيران المساعدات وبعض الأسلحة في هذه السنوات الأولى، لكن الشحنات كانت متقطعة، على عكس التدفق المستمر الذي كان سيبدأ خلال الحرب، وبين عامي 2014 و2017، خاصة مع دخول عقوبات الأمم المتحدة ضد الحوثيين حيز التنفيذ، بدأت إيران في تقديم المزيد من المساعدة، سواء في شكل أسلحة أو مساعدات اقتصادية. سرعان ما اعتمد الحوثيون، الذين أصبحوا معزولين دوليًا بشكل متزايد، على إيران كواحد من أصدقائهم الموثوق بهم الوحيدين.
وازدهرت تلك الصداقة وتحولت إلى تحالف في عام 2017، عندما بدأت إيران في توريد مكونات الصواريخ الباليستية وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار والمستشارين العسكريين لإيران وحزب الله، وكانت هذه لحظة مهمة بالنسبة للحوثيين. عندما سيطرت الجماعة على صنعاء عام 2014، استولت على العديد من المستودعات العسكرية اليمنية، والتي تضمنت صواريخ سكود. كان مدى هذه الصواريخ حوالي 185 ميلاً؛ ما سمح للحوثيين بإطلاقها عبر الحدود اليمنية مع المملكة العربية السعودية، لكنها لم تقترب من تهديد الرياض.
بينما تغير هذا عندما بدأت إيران في تزويد الحوثيين بصواريخ باليستية طويلة المدى بمدى يزيد عن 550 ميلاً، تم إطلاق أولها في مايو 2017 بين عشية وضحاها، كان الحوثيون قادرين على ضرب الرياض، من خلال إمداد الحوثيين بهذه الصواريخ، التي أتاحت الفرصة للحوثيين لانتقال الحرب إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لذا أظهرت إيران أهميتها للحوثيين فضلًا عن مكانتها المتفوقة داخل التحالف.
وخلال معظم فترات الحرب، عارض مراقبو اليمن المزاعم القائلة بأن الحوثيين كانوا وكيلًا لإيران. وكثيراً ما قيل إن الجماعة لم تتلقَّ أوامر من طهران. بدلاً من ذلك، تعاونت وعملت قضية مشتركة مع السعي وراء مصالحها الخاصة، لكن هجمات سبتمبر 2019 على منشآت النفط السعودية في بقيق وخريص أشارت إلى واقع متغير، إذ أعلن الحوثيون في البداية مسؤوليتهم عن الهجمات، وقدموا لإيران غطاء الإنكار في الأيام الأولى الرئيسية. في النهاية، قالت الولايات المتحدة، ولاحقًا كشف محققو الأمم المتحدة أن الحوثيين لا علاقة لهم بالهجمات.
أثارت كذبة الحوثيين الواضحة، والتي فقدت مصداقيتها في غضون أسابيع من الهجمات، سؤالاً رئيسياً: لماذا الكذب عندما تعلم أنها لن تصمد؟ هل كان الحوثيون ببساطة يقدمون خدمة لإيران لسداد سنوات من شحنات الأسلحة والمساعدات، أم أن العلاقة الحوثية الإيرانية تطورت مرة أخرى، وانتقلت من تحالف إلى دولة وأصل؟.
هذه الأسئلة، التي لا تزال إلى حد كبير دون إجابة، مهمة بشكل خاص الآن، إذ إن السعودية والإمارات تبحثان عن مخرج من اليمن، بينما إيران تتعامل مع الاحتجاجات في الأشهر الأخيرة، فيما أن القلق هو أن كلا هذين العاملين قد يساهم في زيادة شحنات الأسلحة من إيران إلى الحوثيين، وأن هذا في النهاية قد يعقد ويؤخر أي اتفاق سلام محتمل.
وكان دعم إيران للحوثيين سياسة منخفضة التكلفة وعالية المكاسب لسنوات، إذ تشحن إيران بعض الأسلحة وترسل بعض المستشارين، وتغرق المملكة العربية السعودية في حرب كلفتها ملايين وملايين، وفي الوقت نفسه، يتطلع النظام الإيراني إلى تخفيف الضغط بعد شهور من الاحتجاجات.
بينما الزيادة الأخيرة في شحنات الأسلحة تعني شيئا واحدا، لكن القلق الأكبر بالنسبة لصانعي السياسات هو أن الحوثيين قد لا يشعرون بالحرية في عقد صفقة مع المملكة العربية السعودية بأنفسهم. بدلاً من ذلك، قد يطبقون الشروط من خلال اتصالاتهم في طهران، والذين من المرجح أن يتعاملوا مع مطالب جديدة في محاولة لإعاقة السلام في اليمن.
لذا بالتأكيد فإن لإيران نفوذ ونفوذ وتاريخ مع الحوثيين. بينما تحاول المملكة العربية السعودية انتزاع نفسها من اليمن، ستستغل طهران الثلاثة لإطالة أمد الصراع وإشعال المزيد من الصراع باليمن.