على مدار الأعوام الماضية، تلقت جماعة الإخوان المسلمين خسائر فادحة في مختلف البلاد بين إقصائها من الحكم ولفظها شعبيا وفشلها سياسيا، فضلا عن زيادة الانقسامات والخلافات بين قادتها، الذين يتناحرون لأجل السلطة والنفوذ والأموال، وهو ما يسرع من كتابة شهادة وفاة التنظيم.
وهو ما توصلت له وأكدته دراسة حديثة بأنَّ جماعة الإخوان الإرهابية، تشهد حالة من تراجع التأثير داخل المجتمعات التي شهدت صعوده، حيث ظهر عند السقوط الجلي لحكم الإخوان لمصر، في أعقاب 30 يونيو 2013.
وأكدت دراسة بعنوان “حصاد تنظيم الإخوان.. أزمات متتالية وإشكاليات متعددة”، نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن ذلك نتيجة لإخفاقات التنظيم المتتالية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي من ناحية، وممارساته الإقصائية من ناحية ثانية، وتوظيفه العنف والإرهاب بهدف استمراره من ناحية ثالثة.
وتابعت أنه قد امتد هذا المشهد إلى بعض الدول الأخرى، حيث بالنظر إلى تونس، يلاحظ أن حركة (النهضة) منذ عام 2021 بدأت تشهد حالة من تقويض نفوذها، مشيرة إلى أن واقعها الحالي يظهر وجودها في عزلة اجتماعية وسياسية، نتيجة لفقدانها حاضنتها الشعبية على خلفية ممارستها الإقصائية، وتراجع قدرتها على التأثير داخل المجتمع التونسي.
ولفتت إلى أن حزب العدالة والتنمية التابع للجماعة الإرهابية نال خسارة مدوية بعدما حصد 12 مقعدًا في الانتخابات التشريعية في سبتمبر 2021 مقارنة بـ 125 مقعدًا في انتخابات عام 2016، فضلا عن ممارسات الإخوان الممثلة في حزب العدالة والبناء في ليبيا لم تختلف عن ممارستهم في مصر وتونس والمغرب، حيث سعى الحزب إلى تحقيق أجندته بمعزل عن مصالح الدولة الليبية، ما ترتب عنه تصاعد حالة من الرفض الشعبي للحزب.
وأكدت الدراسة السياسية التي أصدرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أنه باستعراض تجارب الإخوان في الحكم في دول مختلفة، يتضح أن فشل التنظيم في الاستمرار في الحكم نتيجة لما يعانيه من إخفاقاته الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية في ضوء جملة من العوامل.
وأوضحت أن أولها يتعلق بغياب مشروع فكري وسياسي للتنظيم صالح للتطبيق في الواقع، وينصرف ثانيها إلى توظيفه العنف والإرهاب من أجل الحفاظ على هيمنته، ويتصل ثالثها بسعيه نحو الإقصاء لكافة الفصائل السياسية وتحركه نحو ديكتاتورية الممارسة.
وكشفت أنه يواجه التنظيم تضييقًا من قبل بعض الدول الأوروبية، إذ شرعت عدد من الدول في تفعيل خطوات في هذا الصدد، بداية من مراقبة نشاطه، مرورًا بمناقشه إمكانية حظره، وصولًا إلى تصنيفه كتنظيم إرهابي، وذلك على خلفية تغيير الموقف الأوروبي تجاهه، بعد أن انكشفت ازدواجيته ممارساته، واستغلاله الديمقراطية الأوروبية لتحقيق أهدافه السياسية.
واتخذت النمسا تحركات حاسمة في هذا السياق، فقد حظر البرلمان النمساوي، في يوليو 2021، تنظيم الإخوان ومنعه من ممارسة أي عمل سياسي في البلاد.
وحظرت الدول الأوروبية نشاط الجماعة الإرهابية
وتعد النمسا أول دولة أوروبية تحظر التنظيم رسميًا، ويأتي ذلك ضمن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها لمكافحة إرهاب الجماعات، والتي تتمثل في إقرار قانون يستهدف تعزيز جهود الدولة لحظر أنشطة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها الإخوان.