مع تنامي الانتفاضة الشعبية في إيران تفاقمت الأزمة الاقتصادية لحزب الله الذي يعتمد على طهران في تمويله، وهو ما ظهر بصورة واضحة عبر توقف تقديم الحوافز لقادته وللمقاتلين، واستقدام بضائع تموينية إيرانية لمنتسبيه، بالإضافة إلى تعليق برامج مساعدات في مناطق هيمنته في لبنان.
وهو ما أكدته قناة الجديد اللبنانية؛ إذ إنّ حزب الله توقف عن تخصيص بطاقة “سجاد” لعائلات عناصره وذويهم حصراً، التي قام بتوزيعها منذ عام 2021 كجزء من مخصصات اجتماعية يوفرها الحزب للبيئة التي يتمتع فيها بنفوذ سياسي، تسمح لحامليها بشراء مواد غذائية بأسعار أقلّ من 60% تقريباً عمّا هو معروض في السوق اللبنانية، ما يعني أنّ هذه البطاقات وصلت إلى حائط مسدود.
لذا عجز حزب الله اليوم عن استجلاب المواد الغذائية والزيوت والشاي من إيران، بسبب الاحتجاجات المستمرة والأزمة الاقتصادية الأخيرة وحاجة طهران إلى العملة الصعبة.
كما أكد متابعون لقناة “إيران إنترناشيونال” أنّ انعكاسات الاحتجاجات الإيرانية بدأت تظهر في لبنان، وأنّ حزب الله سيفقد القدرة على الوقوف على قدميه، لأنّه يعاني أصلاً من أوضاع غير مستقرة في الداخل اللبناني، فيما تتعالى الأصوات الشيعية التي كانت داعمة له في الفترة الأخيرة.
وظهرت علامات أزمة العقوبات داخل “حزب الله” من خلال خطوات “تقشّفية” طالت مقاتليه الذين يعانون حالة، هي نفسها حالة الشعب اللبناني، من ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية.
ووفق ما نقل موقع النشرة اللبناني، فقد خفض حزب الله رواتب عناصره وقادته والجنود الاحتياط لديه بنحو 30%، كما خفض رواتب عائلات قتلاه، وخفض أيضاً من نفقاته العسكرية، وجمّد الكثير من برامجه الاجتماعية، هذا بالإضافة إلى وقف كلّي تقريباً لبرامج علاج جرحاه الذين أصيبوا في الحروب في سوريا واليمن.
كما طالت الإجراءات مؤسسات إعلامية تابعة للحزب، كتلفزيون “المنار” وإذاعة “النور”، ووصلت الأزمة المالية خلال الأشهر الماضية إلى اقتطاع أكثر من نصف رواتب الذين يعملون فيها، منذ بداية فرض العقوبات الأميركية على إيران، وهذا يعكس الأزمة الحقيقية التي تمرّ بها تلك المؤسسات في الوقت الراهن، والتي أدت إلى إثارة البلبلة والتململ واستقالة بعض العاملين فيها، وفق ما نقلت شبكة العربية.
فيما بدأ حزب الله بالتخطيط لاعتماد سبل جديدة لتأمين الميزانية تحسباً لوقفها بشكل كلّي من إيران، التي تعاني الأمرين؛ بسبب الثورة الشعبية منذ أكثر من 3 أشهر، إلى جانب تجارة المخدرات والأسلحة، يحاول حزب الله اللعب على وتر الإسلام عبر توظيف لجان زكاة لجمع الأموال دعماً للمقاومة، وقد ترأست هذا التوجه “هيئة دعم المقاومة” التي تمارس أعمالها في مناطق نفوذ الحزب وفي المخيمات الفلسطينية وفي مناطق الدروز والمسيحيين، حسبما رصدت شبكة إيران إنسايدر الإخبارية.
بينما تجنّب الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله التطرق إلى ما يجري في إيران من احتجاجات الشارع التي تتوسع يوماً بعد يوم، ويواجهها النظام الإيراني بمزيد من القمع والدماء، وذلك في خطابه الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة مرور 3 أعوام على مقتل قائد “قوة القدس” في “الحرس الثوري” قاسم سليماني ونائب قائد “الحشد الشعبي” في العراق أبو مهدي المهندس بطائرة أميركية مسيّرة في مطار بغداد.
ووفقاً لشبكة الإندبندنت، فإنّ لهذا التجاهل، للمرة الثانية، دلالاته؛ وأهمها أنّ تلك الثورة الشعبية باتت تسبب اهتزاز الشعور بالقوة لدى أذرع “حرس الثورة” في الإقليم، وأنّ القوة الداعمة لهم طوال الأعوام الماضية أمست بشكل جدي في مهب الريح ومهددة بالسقوط.
ومن تبعات الاحتجاجات التي ظهرت على حزب الله أيضاً أنّ بعض مسؤولي “الحزب” أصبحوا يترددون على طهران في إطار الأعمال الاستثمارية أو الزيارات التجارية بشكل سرّي، دون الإعلان عن زياراتهم كما كانوا يفعلون سابقاً، نظراً إلى أنّ جزءاً واسعاً من الشعب الإيراني يعاني الجوع والفقر جرّاء الأزمة الاقتصادية، ويحمّل حزب الله مسؤولية جزء من الأزمة، لهذا يمكن أن يكون قادة الحزب الذين كانوا يعيثون فساداً في إيران يحاولون الاختباء والتخفي عند زيارتها.