تجددت الأزمة بشأن سجون إيران مؤخرا بصورة مخيفة، في ظل الانتفاضة الشعبية والاحتجاجات الضخمة التي تشهدها البلاد حاليا، لذا عبرت الدول الغربية عن قلق عميق مما يحدث في سجن إيفين الإيراني مع مخاوف من تعرض المساجين للخطر، لا سيما بعد إعلان السلطات القضائية اليوم الاثنين، ارتفاع عدد وفيات السجن إلى ثمانية سجناء مع التخفيف من وطأة الخبر بقولها إنهم جميعا من القسم المتعلق بجرائم السرقات.ويعتبر سجن إيفين، وهو مجمع في شمال طهران أقامه الشاه قبل خمسة عقود وهو بمثابة سجن سياسي للمعارضين والأجانب، وما يشهده سجن إيفين، يكشف تصاعد الغضب في إيران، كما أنه يضع النظام أمام تحد جديد يقلق قادته، ما يشير إلى تصميم الإيرانيين على مواجهة السلطات.وقال نشطاء: إن حركة الاحتجاج التي تجتاح إيران امتدت إلى السجن في طهران والذي يُعرف برمز القمع السياسي في تحد جديد للجمهورية الإسلامية، حيث ردد المعارضون المحتجزون شعارات مناهضة للحكومة قبل اندلاع أعمال العنف واندلاع حريق مميت في المنشأة، وفقا لموقع ” إيران إنترناشيونال”.فيما قالت السلطات: إن الحريق أسفر عن مقتل ثمانية نزلاء وألقت باللوم على محاولة الهروب يوم السبت في الفوضى. وحاولت السلطات فصل ما يحدث في السجن عما تشهده البلاد من احتجاجات، إلا أن شهودا ومدافعين عن السجناء قالوا إن الحادث الاستثنائي الذي وقع في إيفين كان علامة أخرى على أن الاحتجاجات التي لا قيادة واضحة لها تنتشر خارج سيطرة الحكومة.وأفاد تقرير “إيران إنترناشيونال” عن مقتل 4 معتقلين في سجن إيفين بطهران، إثر الحريق وإطلاق النار، أعلنت وكالة أنباء “ميزان” التابعة للقضاء الإيراني، يوم الأحد 16 أكتوبر (تشرين الأول) أن “4 سجناء توفوا بسبب استنشاق الدخان الناجم عن الحرائق”، موضحة أن السجناء الأربعة المتوفين “هم من بين المدانين بجرائم سرقة”، وأردفت أن حالة 4 آخرين حرجة، فضلا عن إصابة 61 سجينا أيضا، وحجز 10 آخرين في المراكز الطبية لتلقي العلاج.وأكدت التقارير أنه بعد إطلاق أكثر من 200 إلى 300 طلقة، حاول السجناء الخروج إلى الساحة وكسروا أبواب عنبر 4 جنوبي السجن، ولكن عندما وصلوا إلى الباب الأخير، بدأ حراس الأمن في القاعات بإطلاق الغاز المسيل للدموع والغاز الملون، وأن حالة عدد من السجناء خطيرة بسبب استنشاق كمية كبيرة من الدخان والغاز وتم نقلهم إلى المستشفى، كما أصيب عدد من السجناء الآخرين بجروح، إثر استهدافهم برصاص الصيد وتم نقلهم إلى مستشفى السجن أيضا.وأجرى عدد من السجناء السياسيين، مساء الأحد، عقب الحرائق، اتصالات هاتفية مع أسرهم ولكن لا توجد معلومات عن أوضاع بعضهم حتى الآن.إلى ذلك، لا يزال الإعلام الإيراني يواصل سرد رواياته المتناقضة حول أحداث الحريق بهذا السجن.من جهته، أعلن مصطفى نيلي، محامي عدد من السجناء السياسيين في تغريدة على “تويتر” أن عددا من المعتقلين السياسيين في العنبر الثامن من سجن إيفين نقلوا من قبل الحرس الخاص بعد انتهاء الاشتباكات، ولا توجد معلومات عن أوضاعهم، كما وردت تقارير عن نقل 40 سجينا من هذا العنبر ولم ترد أنباء عن أوضاعهم حتى الآن.وبعد عدة ساعات من هذه الأحداث، لا تزال وسائل الإعلام الإيرانية تواصل سرد روايات متضاربة حول سبب الحريق وما تلته من أحداث واشتباكات، إذ زعمت وكالة أنباء “فارس”، أن عددا من السجناء هربوا أمس السبت، ودخلوا حقل ألغام بعد “اشتباك مع قوات الأمن”، وأن الانفجارات التي سمعت تتعلق بهذه القضية، ولكن بعد دقائق، نفت “فارس” نقلا عن “مصدر مطلع” تقريرها الأول. وكتبت: “لم يدخل أي من السجناء حقل الألغام”.كما زعمت الوكالة التابعة للحرس الثوري الإيراني أن الحريق في سجن إيفين نتج عن حرق “مستودع الملابس وورشة العمل” في السجن، بعد “صراع مفتعل” بين سجناء العنبرين السابع والثامن.من جهتها، كتبت وكالة أنباء “إرنا” الرسمية في إيران، نقلا عن مسؤول أمني رفيع أنه تم اندلاع اشتباك بين السجناء وموظفي سجن إيفين ثم اندلع حريق في مستودع ملابس السجناء.وقال محسن منصوري، محافظ طهران: إن “المشكلة الأساسية كانت في العنبر الذي يوجد فيه البلطجية والأوباش، ومع التواجد السريع لقوة الشرطة ووحدة الإنقاذ والوحدة الخاصة، تم احتواء المشكلة والوضع في السجن تحت السيطرة تماما”.وتأتي هذه التصريحات بينما كتبت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا” أنه “لا يوجد عنبر خاص للبلطجية والأوباش” في سجن إيفين.وأفاد شهود عيان بأن ألسنة اللهب بدت في سجن إيفين منذ الساعة الثامنة مساء وتزامن معها دوي صفارات الإنذار وإطلاق للنار بشكل مستمر.لذا طالبت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية “بتشكيل آلية تحقيق مستقلة تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة، للتحقيق في قتل المحتجين وأحداث سجن إيفين، لـ”منع حدوث كوارث أكبر”.وفي إشارة إلى سجل النظام الإيراني في التكتم على الحقائق وتاريخ القتل في السجون، وبالنظر إلى أن الكذب أمر طبيعي لدى المسؤولين الإيرانيين، أعلنت المنظمة أنها لا تقبل الإيضاحات الرسمية فيما يتعلق بالحريق في سجن إيفين.وفي تقرير لصحيفة “وول ستريت” جورنال، يكشف عما حصل في السجن قبيل اندلاع الحريق حيث ردد معارضون مسجونون شعارات مناهضة للحكومة، وقالوا إن الأمر بدأ في جناح النساء في السجن، عندما حطمت سجينات باب المبنى المكون من طابقين والذي يضم حوالي 45 سجينة، وانتقلن إلى منطقة الموظفين في ساحة السجن، وبدأن يرددن شعارات مناهضة للحكومة، وأفادت النساء برؤية حراس مسلحين ببنادق يصوبون نحوهن أسلحة تحمل عدسات ليزر للتصويب.