ربما يبدو خبر إعلان لبنان لإفلاسها منذ أيام، صادما بين الكثير، إلا أنه كان أمرا متوقعا جراء استغلال وإخفاقات إيران البالغة في البلاد، التي تمتد على مدى أعوام، على يد حزب الله المتغلغل ببيروت، ليحمّل الشعب اللبناني قطر وإيران المسؤولية عن تدهور الأوضاع بهذه الصورة الحالية.
وقبل أسابيع، أعلن سعادة الشامي نائب رئيس الحكومة اللبنانية “إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي”، وقال إنه سيجري توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، ولا توجد نسبة مئوية محددة، للأسف الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان، ونريد أن نخرج بنتيجة، والخسارة وقعت بسبب سياسات لعقود، ولو لم نفعل شيئا ستكون الخسارة أكبر بكثير”.
وعقب ذلك، حمَّل اللبنانيون إيران وقطر مسؤولية تدهور الأوضاع إلى ذلك الحد؛ إذ أبدوا إحباطهم البالغ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تداولت مقاطع فيديو وصورا توضح حجم الضرر الذي يعاني منه لبنان، ووجهوا أصابع الاتهام لقطر وإيران، مشيرين إلى أن تدخلهما في شؤون بلادهم أدى إلى خرابها، وكتب أحد النشطاء: “ما دخلت إيران وقطر في دولة إلا وأفلستها أو أطاحت بها.. سلام على لبنان التي كانت ذات يوم عروس الشرق الأوسط”، واعتبر ناشط آخر ما يحدث في لبنان “نتائج المشروع الإيراني المدمر لكل مقدرات الشعوب التي تصاب به”.
وتسبب الدعم القطري والإيراني الضخم لحزب الله في لبنان في تلك النتائج بالإفلاس؛ إذ سبق أن سلط الضوء عليه عدة تقارير عالمية، وحملوها المسؤولية الكارثية الضخمة جراء تدهور الأوضاع، إذ كشفت وكالة “بلومبيرغ”، نقلا عن مصدر خاص لها، قبل عامين، أن التمويل الإيراني لـ”حزب الله” اللبناني يصل سنويا لحدود 700 مليون دولار، وأن قدرة إيران على الاستمرار بهذا النهج أصبحت تتضاءل تحت ضغط المقاطعة الأميركية، وآخر حلقاتها قرار واشنطن تصفير صادرات إيران النفطية وإلغاء أي استثناءات كانت منحت لبعض الدول في موضوع مواصلة الاستيراد من إيران.
وأكد مراقبون أن خبر إفلاس لبنان لم يكن مفاجئًا، بل كان متوقعًا منذ فترة طويلة بسبب سياسات إيران وقطر في البلاد، لذا سارعت الحكومة بالإعلان عن الإفلاس، حتى لا يكون هناك تداعيات أكثر شدة، نتيجة عدم وجود أي حلول حقيقية للخروج من تلك الأزمة، وعلى إثر ذلك، تم الإعلان عن إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي، وتمت الإشارة إلى توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان المركزي والمصارف والمودعين، كما تم الإشارة إلى عدم وجود نسبة مئوية محددة.
ونشرت مجلة The Economist الأميركية، أن سياسات إيران هي السبب فيما وصلت إليه لبنان؛ إذ ينبع إفلاس لبنان من عقود مشهودة من سوء إدارة الطبقة الحاكمة وتغلغل حزب الله، لكن الإيرانيين لا يتظاهرون حتى بأنهم يقدمون الحلول، بل صاروا بدلاً من ذلك رعاة أنظمة فاشلة.
وتابعت: إن الحرب تسببت في تدمير لبنان -حتى أن قادة حزب الله اعترفوا لاحقاً أنها كانت خطأ- انتهت بتعادل بين الطرفين، ولكن بالنسبة لحزب الله كانت نجاته بمثابة انتصار، حتى أن حزب الله صوّب بنادقه منذ ذلك الحين نحو عرب آخرين، ففي عام 2008، سيطرت ميليشياته على غرب بيروت، وهي لحظة وسعت النطاق التعريفي لكلمة “مقاومة”، واليوم يتحدث حزب الله وحلفاؤه عن “اقتصاد المقاومة” في لبنان: وهو تحول آخر. في المناطق التي تسيطر عليها المجموعة، تقدم المتاجر بضائع سورية ولبنانية بأسعار أقل من أسعارها في أي مكان آخر.
وأكد أن من أسباب الفشل بلبنان، هو أن العقوبات المفروضة على لبنان مقصورة على شركات وأفراد، وأغلبهم ينتمون إلى حزب الله، وليس هناك محظورات واسعة على التجارة، بجانب أن الولايات المتحدة لم تعِق وصول الصين إلى الشرق الأوسط، بل إن ما يعيق دخول الاستثمارات الصينية إلى لبنان هو لبنان نفسه، بما فيه من فساد بلا رادع وبنية تحتية محفوفة بالمخاطر.
ويرى مراقبون دوليون أن في الآونة الأخيرة تشهد لبنان أزمات عديدة اقتصادية وسياسية بسبب حزب الله أحد أذرع إيران في لبنان، بعد أن أدخل بلاده في العديد من الأزمات الاقتصادية الطائلة التي تسببت في إفلاس البلاد، وذلك لما تسعى لها إيران من استمرار الخراب وإلحاق الدولة اللبنانية في الكثير من الأزمات حتى تكون كلمة حزب الله هي الحاكمة في لبنان.
وتابعوا: إن طهران لها أهداف خبيثة في لبنان تسعى لتنفيذها من خلال ذراعها الإرهابية حزب الله، وهو ما تسبب وأغرق لبنان في كثير من الأزمات السياسية والاقتصادية، والتي كانت آخرها الأزمة مع السعودية، كل ما يتم من أزمات هو تخطيط من حزب الله الذي يديره ويدعمه طهران، مشيرين إلى أن تدخلها في شؤون بلادهم أدى إلى خرابها.