بفضل ذكاء جلالة الملك عبدالله الثاني وتطلعه لبناء وطن قوي وبارز بين جميع دول العالم توجه الملك إلى رسم فلسفة واضحة للتعليم في الأردن، استمدت مبادئها من الدستور الأردني ومن تجارب هذا البلد وواقعه المحلي والعربي والإقليمي، ورسم للتعليم أهدافًا تنبثق من هذه الفلسفة وترتكز عليها مناهجه الحديثة، ليؤمن للمجتمعين الأردني والعربي أجيالًا مؤمنة بربها ووطنها وبعروبتها وبقائده الملك.
عام 2000 تبلورت ملامح المشروع التربوي المتكامل الذي يمثل تجسيدًا حقيقيًا لقيادة التغيير على أرض الواقع، باعتبارها النمط القيادي الأكثر ملاءمة للتعايش الفاعل في القرن الحادي والعشرين، والاستجابة لمتطلباته وتحدياته ومواكبة مستجداته وتقنياته، حيث سعت الوزارة إلى ترسيخ المكتسبات والإنجازات التي تحققت في عهد جلالة المغفور له الملك الحسين المعظم في مختلف القطاعات.
وقدمت وزارة التربية والتعليم بتوجيهات سمو الملك عبدالله الثاني إنجازات ملموسة على أرض الواقع، بصياغة مضامين هذه التوجيهات في صورة خطط تنفيذية وبرامج إجرائية عملية، شرعت بعرضها على المجلس الاقتصادي الاستشاري، وباشرت بتنفيذها في مدارسها خصوصا في مجالات: تعميم تدريس اللغة الإنجليزية، واكتساب مهارات الحاسوب، وحوسبة التعليم، ورفع سوية المعلمين، والارتقاء بمهنة التعليم، ووضعت خطة التطوير التربوي (2000-2005)، وجاءت النتائج واضحة.
وتضاعف عدد المدارس والطلبة والمعلمين بنسبة عالية حوالي أكثر من 20 ضعفاً عما قبل عهد جلالة الملك عبدالله.
بلغ عدد المدارس المنتشرة في الأردن للسلطات جميعها نهاية عام 2019 (7434 مدرسة) منها (3865 تتبع وزارة التربية)، (3354 مدرسة تتبع التعليم الخاص)، و(169 مدرسة وكالة الغوث)، و(46 مدرسة حكومية أخرى).
وبلغ عدد الطلاب في المملكة (2114719 طالبًا وطالبة)، وبلغ عدد المعلمين (136062 معلمًا ومعلمة) وبلغ عدد الإداريين (32100 إداري).
وأكدت رؤية الأردن 2025 التي وجه بإعدادها الملك أهمية رفع سوية التعليم، كما أطلق الملك مشروع “التطوير التربوي نحو الاقتصاد المعرفي”، الذي تناول سياسات وإستراتيجيات وبرامج تعليمية، وتحسين البيئة المدرسية، واستخدام التكنولوجيا.
وظهرت مبادرات تربوية مثل مبادرة التعليم الأردنية وهي مؤسسة غير ربحية أنشئت عام 2003 من أجل الربط بين قوة التكنولوجيا وإستراتيجيات التدريس الحديثة.
في عام 2013 أُسست مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية لتطوير حلول مبتكرة، واحتضان مبادرات جديدة ذات أثر على مخرجات التعليم، وتركز على منظور شمولي لمواطن القوة والضعف في النظام التعليمي بالاعتماد على الابتكار، وتسخير التكنولوجيا الحديثة.
المؤسسة أطلقت منصة إدراك، وهي أول منصة عربية غير ربحية تُقدِّم مساقات إلكترونية جماعية مفتوحة المصادر باستخدام تقنية إد إكس (edX) المبتكرة من قِبل جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وتمكنت من استقطاب أكثر من مليون متعلم خلال أقل من 3 سنوات.
إضافة إلى إنشاء جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، أطلقت جلالة الملكة رانيا العبدالله عام 2008 مبادرة مدرستي بهدف تحسين البيئة المدرسية في 500 مدرسة حكومية ذات حاجة ماسة للتأهيل.
ومُنح أبناء المعلمين مكرمة ملكية بنسبة 5% من المقاعد الجامعية والمعاهد.
وبلغ الإنفاق الحكومي على التعليم (1,9) مليار دينار عام 2016، فضلًا عن الإنفاق من ميزانيتي الوزارتين المكلفتين بالتعليم والتعليم العالي، ويشمل هذا المبلغ المصروفات التي تتحملها وزارة الدفاع، ومؤسسة التدريب المهني، والمشاريع الرأسمالية الممولة من شركاء التنمية عبر وزارة التخطيط والتعاون الدولي، ويشمل أيضًا تكلفة إدارة النظام التربوي والإشراف عليه، والإنفاق على طباعة الكتب المدرسية.
ويبلغ متوسط الإنفاق لكل طالب (720) دينارا أردنيا في المدارس الحكومية التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، منها (645) دينارا أردنيًا نفقات للموظفين، و(40) دينارا أردنيًّا للنفقات التشغيلية، و(35) دينارا أردنيا للنفقات الرأسمالية.
وحملت الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني في نيسان/أبريل 2017 عنوان: “بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة”.
ورأى جلالة الملك في تلك الورقة أن الوصول إلى نظام تعليمي حديث يشكل “مرتكزاً أساسيا في بناء مستقبل مزدهر”، لكنه أكد أهمية الاعتراف بالتحديات وبذل الجهود لتجاوزها، قائلا: “لا يمكننا في ظل هذا الواقع، أن نغفل عن التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع التعليم”.
وأوضح سمو الملك أن بناء القدرات البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة وناجحة يتطلب استثمارا في التعليم، وتوفير بيئة حاضنة، وتأمين الضروريات.
ودعا جلالته المؤسسات التعليمية إلى استخدام أحدث الأساليب التعليمية، واعتماد مناهج دراسية تفتح أبواب التفكير العميق والناقد، وتشجع على طرح الأسئلة، وموازنة الآراء، وتعلم أَدب الاختلاف، وثقافة التنوع والحوار.
وأفاد سمو الملك بأن التطوير بات “ضرورة أملتها الظروف، بل متى لم يكن كذلك؟ فها هي صفحة التاريخ وتجارب الأمم تثبت ألا محيد عن التغيير، ولا مصير إلا إليه، فالتغيير يفرض نفسه، ويثبت ذاته، ويمضي غير عابئ بمن يخشونه”.
واستمرت توجيهات جلالته، إبان الجائحة لتبقى الأردن رائدة بنظامها التعليمي والصحي اللذين يضمنان لها الاستمرار، بتبني التعليم عن بعد، كشكل أساسي من أشكال التعليم في الأزمات أو بعدها، وتسهيل إجراءات “التعليم عن بعد” للطلبة والأهل، معتبرا جلالته أن حق الطلبة في التعلم مسؤولية الجميع، وأنه يجب تطبيقه وفق أفضل المعايير، مشيرا إلى أهمية مواصلة العمل على تطويره وتقييمه بشكل متواصل، لضمان استمرار العملية التعليمية، مؤكدا أن صحة وسلامة الطلبة والمعلمين، يجب أن تكون على رأس الأولويات عند اتخاذ أي قرار.
وحث جلالته المؤسسات والشركاء من القطاع الخاص، للتعاون من أجل تبني هذا الخيار، بخاصة في هذه الظروف، بهدف خدمة الطلبة، وأن يكون الجميع في موقع المسؤولية الوطنية، من أجل استمرارية التعليم.
وعملت الحكومة علي تنفيذ أوامر جلالة الملك في البدء على تقييم المنظومة التعليمية على وجه الدقة والسرعة، وإنضاجها وتطويرها لمواجهة كل طارئ، سواء مع وباء كورونا أو غيره، وعلى قاعدة أساسية أن المكان الطبيعي للطلبة، هو مدارسهم، مع المحافظة على سلامتهم.