صراع مستعر يشتد بين قيادات الإخوان، بسبب أطماع السيطرة والاستيلاء على الموارد، بين جبهتي إسطنبول بقيادة الأمين العام السابق محمود حسين، وجبهة لندن بقيادة القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير.
ودخل الصراع في طور جديد، ينبئ بقرب انهيار الجماعة تماما، حيث ظهر فريق ثالث يطالب بعودة البيعة لمحمد بديع، مرشد الجماعة.
ويأتي ذلك بعد إعلان جبهة حسين تجاهلها التام لكافة قرارات منير، وخاصة إحالة 6 من قيادات الجماعة في إسطنبول للتحقيق، ونتائج انتخابات مكتب إسطنبول، بقاء متحدثها الرسمي في منصبه، واستمرار سيطرتها على منصات الجماعة وموقعها الإلكتروني، وفضائيات إسطنبول، فيما يحاول منير فصل كل المعارضين أو المتعاطفين مع حسين، فيما فاقم من الأزمة ظهور تسريبات من الجانبين حول مخالفات مالية وأخلاقية، وفصل المتحدث الإعلامي للجماعة التابع لجبهة محمود حسين، وتعيين متحدث جديد.
وقبل أيام، أعلنت جبهة حسين رفض تسليم الفضائيات التابعة للجماعة في إسطنبول ومنها “وطن”، ووقف المساعدات المالية لبعض أسر المعتقلين من عناصر الجماعة في محافظات بني سويف والفيوم والمنيا والقليوبية للضغط على إبراهيم منير وتأديب الموالين له.
فيما قالت مصادر: إن جبهة حسين قررت اتخاذ خطوات من شأنها صفع لمنير وجبهته، حيث وجهت دعوات لمكاتب الجماعة في مصر والأقطار لرفض تسليم التنظيم لمنير، وتجديد البيعة لمحمد بديع، الموجود حاليا في السجن بمصر.
وجاء ذلك في الرسالة الموجهة للمكاتب والقيادات، والمتداولة عبر منصات الجماعة، حيث تتضمن “أجدد بيعتي للمرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع والمؤسسات المنتخبة ومجلس الشورى العام بكافة قراراته”، وهو ما يعني الاعتراف ضمنيا بجبهة حسين ورفض إدارة جبهة منير.
وأكدت المصادر أن الصراع تأجج في ظهور جبهة ثالثة ترفض ممارسات الجبهتين، يقودها شباب الجماعة المناصرون للقيادي السابق محمد كمال، والذي قُتل في معركة مع قوات الأمن المصرية في العام 2016، وكان يتولى اللجان النوعية المسلحة.
وتحاول تلك الجبهة الجديدة الإطاحة بالجبهتين المتصارعتين والحشد لإسقاط جبهتي لندن وإسطنبول، وحصد دعم قيادات الجماعة في السجون للسيطرة على التنظيم.
وأوضحت أن ذلك الخلاف داخل الإخوان يرجع إلى سبل إدارة ثروات وممتلكات وأموال الجماعة والتي تقدر بالمليارات من الدولارات وتفوق موازنات دول، وترتيب الاختصاصات في ظل تعمق الخلافات وصعوبة الوصول لاتفاق أو صلح.
وهو ما يعرقل إدارة ملفات أخرى عدة كملفات المعتقلين وعلاقات الجماعة بالخارج ومنصات إعلامها، فضلا عن التسريبات التي تخرج من حين لآخر تشكك في ذمم القيادات وتتهمهم بالفساد المالي والأخلاقي، ومنها ما تسرب مؤخرا حول اكتشاف سرقات تورط فيها مسؤول كبير بفضائية “مكملين”، وتعرضه للابتزاز من جانب موظف آخر كان يعمل معه ويعلم بسرقاته، وهو ما دفعه للتفاوض معه وإسكاته بمنحه مبلغا ماليا يقدر بـ60 ألف دولار، لكن الموظف بعدما حصل على المبلغ المتفق لم يلتزم بالاتفاق وأبلغ قيادات الجماعة في إسطنبول بمخالفات المسؤول وسرقاته.
وقبل حوالي أسبوع، انتشر تسريب صوتي للقيادي للإخوان أحمد مطر، الهارب لدول البلقان والمحسوب على جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، قال فيه إن من يدير الإخوان حاليا تنظيم سري، وعصابة، تقرب من تشاء وتبعد من تشاء، واستولت على أموال ومقدرات الجماعة واختطفتها لحسابها.
وفي نهاية الشهر الماضي، أفادت مصادر بأن إبراهيم منير أصدر قرارات سرية تتضمن طرد جميع المؤيدين للجبهة والمتعاطفين معها، ووصفهم بالساعين بالفرقة، والخارجين على الحاكم للجماعة، مطالبا بحصر أسماء المتعاطفين معها ونقلها إلى المكتب.
وأضافت أن منير وجه أيضا بحصر المتأثرين بحديث أفراد جبهة إسطنبول وحججهم من دوائرهم إن أمكن، وتصنيف درجة تأثرهم، وهو ما تلقته جبهة محمود حسين سريعا بتركيا.
وتابعت أن منير قرر أيضا سرعة اتخاذ إجراءات للتعامل مع المتعاطفين مع جبهة حسين، من بينها ترتيب جلسة استماع من الشعبة لكل فرد متعاطف بمفرده، ومناقشته ومواجهته بضرورة تحديد موقفه من قيادة منير للإخوان وعمله كقائم بأعمال المرشد، مع التنبيه عليه بضرورة وقف أنشطته التي وصفتها القرارات بـ”المثيرة للفتن في الصف”، وحظر أي نشاط أو لقاء أو تجمع تنظيمي خارج الإطار الشرعي للشعبة سيتم التعامل معه عبر لجنة التحقيق.
كما تضمنت أيضا التحركات الجديدة من إبراهيم منير التي يحاول من خلالها استعادة السيطرة على الجماعة، أنه في حالة استجابة العضو الإخواني المؤيد لجبهة حسين، وتعهده بعدم تكرار ما فعله، في هذه الحالة سيتم توجيه الشكر له، مع استمرار مراقبته بشكل دقيق للتأكد من مدى صدق التزامه.
أما في حالة إصراره على الاستمرار بتأييد جبهة حسين، والمخالفة، سيتم التعامل معه بشكل صارم، وذلك بحسب خطوات أخرى تصل للفصل النهائي من صفوف الجماعة.
ويأتي ذلك بعد أيام من إعلان طلعت فهمي، المتحدث الرسمي لجبهة محمود حسين، أن مجلس الشورى العام، قرر عزل وإعفاء منير من منصبه، وإبلاغه بذلك، معلنا رفض الجبهة لقرار تعيين أسامة سليمان متحدثا رسميا، مشيرا إلى أن مجلس الشورى الذي يديره حسين هو الجهة العليا المنوطة بها إدارة الجماعة.
وقال فهمي: إن قرار سحب الثقة وإعفاء نائب المرشد من مهامه من سلطة مجلس الشورى العام تم لأنه هو من ينتخب المرشد ومكتب الإرشاد، وله الحق في إنهاء عضوية أي منهم، فضلا عن أن تكليف إبراهيم منير بموقع القائم بعمل المرشد تم من خلاله، ومن ثَم قرر المجلس سحب هذا التكليف وهذا حقه.
وتتفاقم الخلافات بين أفراد الإخوان، منذ أن أعلن إبراهيم منير، نائب المرشد العام للإخوان والقائم بأعماله، فصل قيادات عليا بالجماعة سبق أن أعلن إحالتها للتحقيق وآخرين لم يسمهم، زاعما أنهم “أقدموا على قرارات لشق الصف وإحداث بلبلة”، ليتقلى منهم لاحقا تهديدات بالقتل.
ويرجع الصراع الطاحن بين قيادات التنظيم، إلى أسباب مالية وإعلامية، حيث أوقفت الدول الحاضنة لهم دعمهم وتحديد أنشطتهم، ومنهم تركيا، التي أصدرت قرارات حاسمة بشأن النشاط الإعلامي، في ظل مساعيها لإعادة العلاقات مع مصر والإمارات.
ويهدف الصراع الداخلي بين الإخوان إلى الاستيلاء على المقدرات المالية للجماعة، حيث تحاول القيادات المتنازعة للحصول على أكبر نسبة من الدعم الضئيل الذي يصل لهم، بعد انهيار أذرع الجماعة في الدول العربية، منها المغرب وتونس ومصر والسودان.