جاء الإعلان الأميركي الأخير فيما يخص مذابح الأرمن على يد العثمانيين، كالصاعقة فوق رأس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ ما جعله يسعى للتملص من الغضب الأميركي بمحاولة استجداء الدول العربية التي تقاطعه، نظرا لسياساته الاستعمارية بالمنطقة.
وفي هذا السياق، أعرب أردوغان، اليوم الثلاثاء، عن تطلعاته لرفع مستوى التعاون مع مصر، قائلاً: “نأمل رفع مستوى التعاون مع مصر والدول الخليجية إلى أقصى مستوى”.
أردف اردوغان: “هناك وحدة في قدر الشعب المصري والتركي”، مشيرا إلى أنه توجد إمكانيات تعاون كبيرة مع مصر في منطقة واسعة بدءا من شرقي المتوسط وحتى ليبيا.
وموجها خطابه للرئيس الأميركي جو بايدن، قال أردوغان: “هل انتهيت من كل أعمالك وتسعى الآن لتصبح محاميا عن الأرمن؟، متهما إدارة بايدن بدعم التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط.
أضاف الرئيس التركي: “هل كان أسلافك في الإدارة الأميركية أقل دراية منك بهذا الأمر؟ لم يستخدم أحدهم تلك الكلمة (إبادة الأرمن)”.
مراقبون اعتبروا أن كلمة أردوغان، حول الرئيس الأميركي أنها تأتي في سياق العنجهية التركية التي يتبعها أردوغان، ثم يعود معتذرا أو معترفا بأخطائه لاحقاً.
حيث أجمع المراقبون، أن أردوغان يتبع سياسة التصريحات الرنانة، التي تؤدي إلى خسارة بلاده الكثير، وتعرضها لفرض عقوبات من الدول العظمى، في إشارة إلى موقف أردوغان حيال الإدارة الأميركية السابقة للرئيس دونالد ترامب، ولاسيما أثناء أزمة القس الأميركي.
وتواجه تركيا أوقاتا عصيبة بعد اعتراف واشنطن بإبادة الأرمن على يد العثمانيين، وهي خطوة وصفها خبراء بأنها “جاءت لتقليم أظافر أردوغان”.
وأبريل الماضي، اعترف الرئيس الأميركي جو بايدن، بالمذابح التي تعرض لها الأرمن على يد العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، ليصبح أول اعتراف رسمي من واشنطن بالمذبحة على أنها “إبادة جماعية”.
وقوبل اعتراف بايدن بإشادات دولية فيما رفضت تركيا بشكل تام اعتراف الولايات المتحدة الأميركية؛ ما ينذر بتعميق الهوة بين تركيا والغرب بشكل عام، وتركيا وواشنطن بشكل خاص.
أما من ناحية أخرى، فتجرى مباحثات مصرية تركية، لمناقشة الخطوط العريضة التي يمكن من خلالها طي صفحات الماضي مع أردوغان؛ إذ اعتبر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن هناك بوادر لرغبة تركيا في تغيير مسارها تجاه بلاده لكي لا يتناقض مع مصالح مصر خاصة في المجال الأمني.
وقال شكري: “هناك بوادر ورغبة من قبل تركيا لتغيير المسار والوفاء بالمتطلبات التي كانت مطروحة دائما في أن تكون هناك مراعاة هامة لطبيعة العلاقات الدولية واحترام الخصوصيات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم رعاية أي عناصر مناهضة للدولة”.
وأشار إلى أنه “تلت ذلك مجموعة من التصريحات التي أدت إلى بعض الإجراءات التي اتخذتها الدولة التركية في تحويل مسارها بعيدا عن بعض الممارسات التي كانت تتدخل فيها بالشؤون الداخلية المصرية أو رعاية عناصر متطرفة معادية للدولة المصرية”.
وأوضح شكري أن ذلك أدى إلى “رفع مستوى التواصل إلى المستوى السياسي فيما وصفناه بالمشاورات الاستكشافية”، وتابع: “بالتأكيد بعد هذه الفترة الزمنية من تعثر العلاقة الثنائية والعلاقة في الإطار الإقليمي، من الضروري أن يكون هناك حوار سياسي معمق، نؤكد فيه مرة أخرى توقعاتنا لكيفية إدارة هذه الأزمات وتوضيح سياستنا في كيفية تحقيق الاستقرار في المنطقة”.
وبين: “ما نتوقعه هو تعديل مسار السياسة التركية بحيث لا تتقاطع مع المصالح المصرية، خاصة عندما يكون الأمر مرتبطا بالأمن القومي المصري، وأن يكون ذلك في إطار اتخاذ خطوات عملية يمكن رصدها وتقييمها”.
وذكر: “ستكون هناك جولات أخرى استكشافية تقود بعد ذلك إلى تطبيع العلاقة عندما نطمئن أن المصالح المصرية تتم مراعاتها بشكل كامل”.
وأشار وزير الخارجية إلى تواصله مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، بشأن الأزمة الحالية بقطاع غزة، لكن اللقاءات الثنائية فيما بينهما ستأتي عندما يتم الانتهاء من المشاورات الاستكشافية.
وخلال 5 و6 مايو أجرى وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية، سادات أونال، خلال أول زيارة من نوعها منذ 2013، محادثات “استكشافية” في القاهرة مع مسؤولين مصريين قادهم نائب وزير الخارجية، حمدي سند لوزا.