تتصاعد الأزمة بين مصر والسودان من طرف، وإثيوبيا من طرف آخر، بسبب سد النهضة، والتي تحاول فيها أديس أبابا التمسك برغبتها في إفشال الوساطة بكل السبل، رغم الوساطة الأميركية؛ ما تسبب في انتشار الغضب بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي آخر المستجدات بتلك الأزمة المشتعلة، أعلنت خارجية مصر رفضها لأي إجراءات أحادية إثيوبية بشأن سد النهضة، مؤكدة أن الدولة ملتزمة بتأمين مصالح وحقوق الشعب المصري، وأنها ترصد تصرفات أديس أبابا.
فيما أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية عزم إثيوبيا استكمال ملء سد النهضة حتى لو لم تصل الدول الثلاث إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة.
وقال السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، إن مصر ترفض أي إجراءات أحادية قد تتخذها إثيوبيا اتصالاً بسد النهضة، بما في ذلك الاستمرار في ملء السد بشكل أحادي خلال موسم الفيضان المقبل في صيف العام الجاري.
وأضاف حافظ: أن تلك التصريحات تكشف مجدداً عن سوء نية إثيوبيا وسعيها لإجهاض الجهود الجارية من قبل وسطاء دوليين وأفارقة من أجل حل أزمة سد النهضة، ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب، وهو أمر لم ولن تقبل به مصر.
وتابع: إن مصر تحلت بالصبر وتصرفت بحكمة ومسؤولية وتفاوضت على مدار عقد كامل بجدية وحسن نية للتوصل لاتفاق عادل ومنصف وملزم قانوناً حول سد النهضة بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويؤمن حقوق مصر المائية، ولكن الجانب الإثيوبي انتهج سياسة تقوم على المماطلة والتسويف أدت إلى فشل كافة مسارات المفاوضات التي أجريت خلال الأعوام الماضية.
وشدد على أن استمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي هو تصرف غير مسؤول، ويعد مخالفة صريحة لأحكام اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في مارس 2015، فضلاً عن أنه سوف يُعرض دولتي المصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن مع فترات جفاف.
وتابع: إن مصر تقف بجانب السودان وتدعمه في هذا الملف الذي يمس صميم المصالح المشتركة للبلدين، خاصة أن ملء سد النهضة بشكل أحادي قد يوقع الضرر بالمنشآت المائية والسدود السودانية التي تقع على مقربة من سد النهضة على النيل الأزرق، مشيرا إلى أن الدولة المصرية ملتزمة بالحفاظ على حقوق مصر ومصالحها المائية وحمايتها ومنع إيقاع الضرر بها صوناً لمقدرات الشعب المصري، مشيراً إلى أن الدولة اتخذت بالفعل إجراءات احترازية للتعامل مع الملء الثاني لسد النهضة والحد من آثاره المحتملة من أجل تأمين احتياجات مصر من الموارد المائية خلال هذه الفترة، وذلك بالتوازي مع الاستمرار في رصد التصرفات الإثيوبية ومراقبتها عن كثب لضمان عدم الإضرار بمصالح مصر المائية أو المساس بحقوقها التي أقرتها وأكدتها القوانين والاتفاقيات والأعراف الدولية.
بينما أكد الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري المصري، أن الملء الثاني لسد النهضة سيؤثر بشكل كبير على مصر والسودان خاصة إذا كانت هناك فترة جفاف، وأنه سيؤثر بشكل أكبر على السودان، ومصر جاهزة بوجود بنية تحتية قوية للموارد المائية في حالة الملء الثاني لسد النهضة.
وأشار إلى أنه تم تحديد مساحات المحاصيل المستهلكة للمياه خلال السنوات الأخيرة ويتم عمل أكبر محطتين لمعالجة مياه الصرف الزراعي، موضحا أن عدم الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة سوف يسبب مشكلة لجميع الأطراف”.
فيما أفادت مصادر مصرية بأن القاهرة لن تسمح بتمرير الملء الثاني دون اتفاق، ونقلت ذلك الأمر الصارم للمبعوث الأميركي لمنطقة القرن الإفريقي، خلال زيارته لمصر مؤخرا، معتبرة أن القرار الإثيوبي أحادي من جانبها ويتجاوز اتفاقيات نهر النيل.
وتابعت المصادر: إن مصر تدعم كل المحاولات الجادة لحل عادل لهذه الأزمة بما يضمن حقوق أمنها القومي والمائي، دون الاستغلال السياسي للسدود المائية والمزايدات.
وأشارت إلى أن مصر تسعى إلى الوصول لاتفاق قانوني ملزم يضمن التنسيق حول قواعد الملء والتشغيل وبما لا يسبب أي ضرر بمخزون السد العالي، أو ينتقص من حصة مصر خلال سنوات الجفاف والجفاف الممتد، وفي الوقت نفسه يضمن حق إثيوبيا في التنمية.
واعتبرت أن ملف سد النهضة قضية وجودية لمصر؛ لذلك تبذل السلطات كل جهدها وعبر كافة الطرق للوصول لاتفاق قانوني ينهي هذه الأزمة ويحقق الاستقرار للمنطقة.
ولفتت إلى أن الملء الثاني دون اتفاق، له أضرار مائية وتكريس للهيمنة الإثيوبية على النيل التي تأتي من هناك وهي النيل الأزرق وعطبرة والسوباط، وإمكانية مستقبلا إنشاء سدود أخرى دون اتفاق أو تنسيق أو وضع قواعد هيدرولوجية، ما يهدد النيل، وينتقص من حصص مصر والسودان.