رغم المحاولات المضنية للقضاء على الإرهاب، إلا أنه ما زال يتفشى سرا داخل عدة مناطق بأوروبا، لتستمر الجهود الدولية لمواجهته وإحباطه.
وأكدت دراسة حديثة للمركز الأوروبي للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، تعدد مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية وذلك عبر مؤسسات وأشخاص يعملون داخل أوروبا، وتجاوزت حجم التمويلات التي حصلت عليها التنظيمات الإرهابية في العالم من مؤسسات بالقارة العجوز مليارات الدولارات سنويا.
وكشفت الدراسة أن التبرعات التي تصل إلى التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها “داعش” عبر المؤسسات الخيرية وجامعي التبرعات، من أهم مصادر التمويل.
وتابعت: إن التحقيقات أظهرت أن النساء، ومن بينهن بريطانيات يزعمن أنهن هاربات من المخيمات، يترأسن بشكل متزايد محاولات لجمع أموال التبرعات التي تديرها شبكات مرتبطة بـ”داعش” من خلال استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل صفحات “فيسبوك” أو حسابات “تلغرام” وأنظمة التمويل غير التقليدية، مثل العملات الرقمية وتطبيقات وحسابات تحويل الأموال كحسابات “Paypal”، و”Western Union”، والتطبيق الروسي “Qiwi” التي تسمح بإرسال المال، من أجل دفعه للمهربين.
وتمتلك قيادات داعش عملات “بيتكوين” تبلغ قيمتها 300 مليون دولار وسط مخاوف من تزايد حجم هذا العملات واستغلالها في تنفيذ موجات جديدة من الهجمات الإرهابية.
كما أشارت الدراسة إلى أن شركات الخدمات المالية والهيئات الخيرية تعمل بطرق سرية لتقديم الدعم المالي للمنظمات الإرهابية، حيث تمارس دوراً مهماً في دعم عمليات داعش عبر تحويل الأموال ونقل مئات الآلاف من الدولارات إلى قادة داعش في مناطق الصراعات.
ويشكل جنوب تركيا نقطة الاتصال للشركات العائلية في عمليات تمويل أنشطة داعش، حيث إنه في 8 ديسمبر 2020، تم الكشف عن أكثر من (50) شركة في معظم عواصم العالم، وساهمت في توزيع منتجات استخدمها التنظيم في عملياته الإرهابية.
وتوصلت الاستخبارات الأميركية قبل فترة وجيزة إلى استخدام شبكة تابعة لتنظيم القاعدة طرقا سرية عبر باكستان وأفغانستان، بهدف نقل 80 مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب إلى مقر إقامة زعيم تنظيم القاعدة السابق بن لادن، والتي مولت أيضا مدارس ومخيمات تدريب وغيرها من الأنشطة الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة.
وفي 13 أغسطس 2020، كشفت وزارة العدل الأميركية عن مصادرة 300 حساب للعملات الرقمية المشفرة و4 مواقع على الشبكة العنكبوتية، و4 صفحات فيسبوك تابعة لتنظيمي “داعش” و”القاعدة” تستخدم في جمع التبرعات والتمويل الخفي، وغسل الأموال، والأنشطة غير القانونية.
كما كشفت وزارة الخزانة الأميركية في 12 فبراير 2021، أن خلايا وشبكات “داعش” قادرة على الوصول لاحتياطيات نقدية قدرها 100 مليون دولار، فضلا عن تلقي التنظيم تمويلات من شركاء يتمركزون في تركيا.
ولفتت الدراسة الحديثة إلى أنه من المحاور الإستراتيجية التي يعتمد عليها “داعش” في عمليات تمويله شبكات الموردين والفنيين؛ ما ساعده في الحصول على معدات حربية وترسانة أسلحة شاملة.
وتسعى أوروبا لاتخاذ إجراءات ضخمة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وتتبع حركة الأموال، وحيث تم إصدار 5 قوانين لمكافحة غسيل الأموال؛ ما ساعد في أن جميع الدول الأعضاء أقامت ما يُسمى وحدة الذكاء المالي، المعروفة اختصار بـ(FIU)، وهذا النظام من شأنه التحقق من التحويلات المالية المشبوهة.
وأعلنت المفوضية الأوروبية منذ مايو 2020، أنها ستقترح في 2021 تدشين مؤسسة رقابة مركزية جديدة ضد غسل الأموال؛ ما يعني أهمية أن تحظى هذه الهيئة بموافقة الدول الأعضاء، وهو ما سيستغرق أعواما إلى أن تبدأ عملها.
وعبر تلك المؤسسة الجديدة تستجيب المفوضية الأوروبية لطلبات من البرلمان الأوروبي وكذلك منظمة الشفافية الدولية.