لعدة أعوام، نشرت مرتزقة تركيا المسلحة الخراب والدمار ونهب الثروات بليبيا، بالتعاون مع حكومة الوفاق، وسط وعود كاذبة من أنقرة بسحبهم، ولكن مع بداية السلطة الجديدة بالبلاد، اتخذ بعض المسؤولين على عاتقهم مهمة التخلص من هؤلاء المقاتلين، وفي صدارتهم وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.
وقبل أيام أعلنت وزيرة الخارجية الليبية الجديدة نجلاء المنقوش اتجاه بلادها للتخلص من أزمة المرتزقة، ليثور أذرع الإخوان ضدها، معلنين تمسكهم ببقاء المرتزقة، لأجل تركيا، الداعم للتنظيم الدولي، ولكن من الواضح أن المنقوش ستتجاهل تلك الاعتراضات وستمضي في مخططها لتخليص بلادها من الإرهاب والخراب، لتتجه إلى جارتها مصر الشقيقة الأقرب والأكبر لليبيا.
ومنذ ساعات، أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، أنه تم الاتفاق مع نظيرته الليبية، نجلاء المنقوش، على تنظيم زيارة رسمية للأخيرة إلى القاهرة قريبا.
ويأتي ذلك بعد، أول زيارة من نوعها لرئيس وزراء مصري إلى ليبيا منذ سنوات، حيث إنه الثلاثاء الماضي، زار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، العاصمة الليبية طرابلس لبحث التعاون الاقتصادي والسياسي مع حكومة الوحدة الوطنية، وذلك استكمالا لجهود القاهرة الداعمة للاستقرار وحل الأزمة الليبية.
وكشفت مصادر دبلوماسية رفيعة أن زيارة وزيرة الخارجية الليبية المنتظرة للقاهرة، تستهدف الدعم المصري والعربي والدولي من أجل إخراج المرتزقة تماما من ليبيا، عبر جهود مشتركة بعد مماطلة تركيا في هذا الشأن خلال الفترة السابقة.
وقالت المصادر إن المنقوش ستناقش مع شكري سبل التعاون والتنسيق المشترك في عدة ملفات هامة ذات الاهتمام المشترك، من أجل دعم الاستقرار في ليبيا، على رأسها المساعي الليبية لإخراج كل المرتزقة من البلاد، والجهود المصرية لدعم طرابلس وتنفيذ خارطة الطريق.
وتابعت أن مصر مستمرة في دورها الداعم للاستقرار في ليبيا، خاصة خلال الفترة الحالية لتطهير البلاد من المرتزقة والمسلحين الأجانب والجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة في ليبيا.
وأضافت أن المنقوش تستهدف من تلك الزيارة أيضا، أن تحظى من خلال القاهرة بالحصول على دعم دولي للدول الإقليمية والرباعية الدولية المعنية بالملف الليبي التي تضم جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، لإنهاء أزمة المرتزقة، بالإضافة إلى التصدي لمحاولات الإخوان لتخريب ذلك الأمر.
ونوهت المصادر إلى أن مصر بالفعل بدأت في الاستعداد لذلك منذ زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد للقاهرة قبل أيام، بالتنسيق مع دول الجوار لتضييق الخناق على الجهات الإرهابية بليبيا، وهو ما استكملته أيضا خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية أمس، بهدف توجيه ضربة قاسمة للإرهاب والإخوان والجهات الداعمة لهم.
وخلال الأيام الماضية، أثارت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش، الجدل داخل بلادها، لدعوتها بإلغاء الاتفاقية الموقعة مع تركيا وانسحاب قواتها ومرتزقتها من ليبيا.
وقالت المنقوش، في جلسة استماع مع لجنة الشؤون الخارجية بمقر مجلس النواب الإيطالي، بقصر “مونتي تشيتوريو” في روما، إن حكومة الوحدة الوطنية الليبية بقيادة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة تخوض حوارا مع تركيا، التي أبدت استعدادها لبدء المباحثات والمفاوضات.
وأضافت أن “ليبيا حازمة في الوقت ذاته في نواياها، وتطلب من جميع الدول أن تكون متعاونة من أجل إخراج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية”، مشيرة إلى أن “الأمر يشكل أولوية بالنسبة لليبيا، لأن أمننا يعتمد على انسحاب القوات الأجنبية”، وتابعت: “أننا ندرك أن المسألة لا يمكن حلها بين عشية وضحاها، لكننا واثقون استنادا للاستعداد الذي لاحظناه”.
وبعد تلك التصريحات، صال وجال إخوان ليبيا وقواتها، وسارعت بالرد على تلك التصريحات لدعم التواجد التركي، حيث شن “حزب العدالة والبناء”، الذراع السياسية للتنظيم بليبيا، هجوما حادا على الوزيرة، حيث يرى أن دعوتها إلى إلغاء الاتفاقية الموقعة مع تركيا وانسحاب قواتها من ليبيا، هي “أمر مثير للاستغراب”، زاعما أن “القوات المتواجدة على الأراضي التركية جاءت دعما للاستقرار وبناء على اتفاقية رسمية مشتركة مع الدولة الليبية”، زاعما أنهم “ليسوا مرتزقة”، وفقا لما جاء ببيانه.
كما دافع باستماتة عن التواجد التركي على الأراضي الليبية، معتبرا أنه “ليس من اختصاص حكومة الوحدة الوطنية التي جاءت بها خارطة الطريق إلغاء أية اتفاقيات دولية سابقة، حيث إن البتّ فيها من صلاحيات السلطة التي ستنبثق عن الانتخابات القادمة”.
وعلى خطاها، هاجمت حركة “بركان الغضب” التابعة للإخوان، وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، مدعية أن التواجد التركي في ليبيا هو أمر “شرعي”، وأن الاتفاقية الموقعة بين البلدين أيضا “شرعية”، مطالبة بالاستمرار فيها وعدم التجاوب مع دعوة المنقوش.
كما أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، خالد المشري، أنه “ليس من اختصاص الحكومة إلغاء أية اتفاقيات شرعية سابقة أو تعديلها”، مضيفا أنه “نؤكد احترامنا للاتفاقية الموقعة مع تركيا كما نحترم أية اتفاقيات سابقة في أي مجال وقعت مع دول أخرى”.