تتصاعد بشدة الأزمات السياسية في تونس، ففي الوقت الذي تزداد به الخلافات بين مؤسسة الرئاسة والحكومة، بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد، اتخاذ خطوات لفتح النار على زعيم حركة النهضة الإخوانية ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعد كشف جرائمهم والرفض الشعبي الضخم لهم.
قبل أيام، تحدث الرئيس التونسي، عن الأموال المشبوهة والتي تدخل بلاده بطرق غير شرعية؛ ليزيح الستار عن ملف يحاول الإخوان التستر عليه، وسبق ذلك الخلاف المشتعل بين الطرفين بسبب قانون المحكمة الدستورية العليا بالبلاد.
واليوم الأحد، اتخذ سعيد خطوة جديدة ضد الإخوان، حيث وجه رسالة تحذيرية للغنوشي، بينما كان يجلس قريبا منه، شدد فيها على أنه لن يسمح بـ”ضرب القانون والدستور”.
تلك الرسالة التحذيرية التي تكشف عن منعطف جديد ستشهده تونس خلال أيام، جاءت، أثناء إلقاء الرئيس التونسي خطابا في حفل الذكرى 65 لعيد القوات المسلحة التونسية، حيث كان يجلس على بعد خطوات قليلة منه زعيم حزب النهضة الإخواني.
لم تقتصر رسالة سعيد التهديدية على ذلك، وإنما قال أيضا فيها: إن “من يريد تأويل تمسكه بالدستور على أنه رجوع للدكتاتورية مخطئ بل العكس صحيح؛ إذ هو تثبيت للقانون فوق الجميع”، ليوجه صفعة قوية بها إلى الغنوشي، بعد الخلاف بين الطرفين إثر قانون المحكمة الدستورية الذي تفاقم بشدة.
وتابع أيضا سعيد في رسائله التي كانت كالرصاص على الحزب الإخواني أنه “على الجميع دون استثناء الاحتكام إلى القانون لا التطاول عليه لا بالمال ولا بالعلاقات مع الخارج ولا بالمصاهرة ولا بالنسب”، مضيفا: “القوات المسلحة يجب أن تكون في خدمة الشعب وأسوة له في تطبيق القانون.. النص واضح ومن لم يتضح له سنة 2014 فليكن له واضحا من اليوم”.
وليؤكد على رفضه تعديل قانون المحكمة الدستورية التي وضعتها حركة النهضة الإخوانية منذ أيام، شدد في حديثه على أنه “ليس هناك على الإطلاق سيوف تخرج من أغمادها، بل هناك قوانين يجب أن تطبق وإذا تعارض قانونان أحدهما أعلى درجة يطبق الأعلى.. القانون فيصل بين الجميع والقضاء العادل فيصل ومن يخطئ ومهما كان موقعه جزاؤه هو ما ينص عليه القانون، وأن لا حكم بين الجميع سواه”.
وبعد ذلك الحديث الملتهب، اتجه الرئيس التونسي لتوجيه حديثه مباشرة إلى راشد الغنوشي قائلا: “لكل مواطن الحق في هذا الوطن العزيز كما ينص عليه القانون المشروع لا القانون الذي تحذف منه في دقيقة بعض الفصول ومن اؤتمن أمانة فليكن أمينا”.
وفي ٤ أبريل الجاري، قرر الرئيس التونسي قيس سعيد رفض التعديلات التي أعلنها مجلس النواب على قانون المحكمة الدستورية، ليتحول الأمر إلى حرب علنية قانونية ودستورية بين مؤسسة رئاسة الجمهورية والأغلبية البرلمانية التي تقودها حركة النهضة الإخوانية.
وتتضمن تلك التعديلات التي رفضها سعيد، عدة بنود أعمال شروط انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية البالغين 12 عضوا.
وتتولى المحكمة المتنازع عليها مراقبة دستورية مشاريع تعديل الدستور، والمعاهدات ومشاريع القوانين، والقوانين، والنظام الداخلي للبرلمان، وتبت في استمرار حالات الطوارئ، والنزاعات المتعلقة باختصاصي رئيسي الجمهورية والحكومة، إضافة إلى النظر في إعفاء رئيس الدولة في حالة الخرق الجسيم للدستور.
ويحاول الإخوان في تونس ضم عدد من الشخصيات الموالية لها داخل المحكمة الدستورية بهدف تقليل صلاحيات الرئيس التونسي الوحيد الذي يتمكن من تحويل النصوص الدستورية.