بعد فترة من المماطلة ومحاولة عقد مفاوضات خفية، يبدو أن تركيا تستميت من أجل إعادة العلاقات مع مصر، وقررت التراجع عن كل سبل دعمها للإخوان، لكسر عزلتها وتحسين أوضاعها المتدهورة بالبلاد، لذلك زادت الضغوط على إعلام الجماعة، بعد فرض قيود عديدة عليها الشهر الماضي.
وقبل ساعات، أعلن معتز مطر، المذيع الإخواني بقناة “الشرق”، وقف برنامجه على الهواء ليلة أمس، وعلى غراره توقف برنامج الإعلامي الإخواني محمد ناصر، حيث من المرجح أن يغادرا الأراضي التركية قريبا.
وكشفت مصادر إعلامية في قناة “الشرق” الإخوانية إن إدارة القناة التي يترأسها الهارب أيمن نور، ستصدر قيودا جديدة بالغة الأهمية خلال ساعات، قد تصل حد الإغلاق الكامل ووقف البث من إسطنبول، في مايو المقبل.
وأضافت المصادر أنه من المحتمل وقف مجموعة أخرى من البرامج، وتعليق العمل بكل القنوات والمواقع الصحفية التابعة للتنظيم، حتى انتهاء نقل المكاتب الرئيسية لها من تركيا إلى لندن.
ولفتت المصادر إلى وجود مخاوف بالغة بين أفراد الجماعة، حيث بات إغلاق القنوات أمرا واقعا ومسألة وقت، ولكنهم يخشون من عدم الحصول على أوراق ثبوتية لهم، حيث إنه قبل أعوام انتقل أغلبهم إلى تركيا بدون أوراق وكانوا يعيشون تحت مظلة الإخوان التي ظنوا أنها لن تنتهي.
وتابعت أنه يوجد نحو 130 شابًا من عناصر الإخوان، أغلبهم يعمل في قناة الشرق، طلبوا لقاء أيمن نور باعتباره رئيس ما يعرف بـ”اتحاد القوى الوطنية”، حيث تخلت عنهم قيادات التنظيم نهائيا، بهدف الطلب منه تسهيل حصول على أوراق الثبوتية من أجل مغادرة تركيا.
وأوضحت المصادر أن النظام التركي وجه عدة ملاحظات لقناة الشرق تحديدا، بعد استضافة يحيى موسى القيادي الإخواني المتهم في قضية اغتيال النائب العام المصري الشهيد هشام بركات، والقيادي التكفيري بحركة حسم علاء السماحي، المدرجين على قوائم الإرهاب المصرية، لذلك غادر يحيى موسى تركيا فورا إلى كندا بمساعدة عناصر في التنظيم الدولي.
فيما كشفت المصادر أيضا أن الحكومة التركية قررت تسليم كافة المطلوبين للحكومة المصرية من المقيمين على أراضيها، كدليل على جديتها في المصالحة، حيث تولى تنفيذ ذلك ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي.
والتقى أقطاي مع محمود حسين أحد أبرز قيادات الجماعة، قبل أيام، لبحث وضع عناصر التنظيم ومناشدته بعدم تسليم المطلوبين لدى القاهرة أو السماح لهم بمغادرة تركيا دون عوائق، بينما طلب أقطاي تأجيل المحادثات ولم يبلغ قيادات الإخوان ردا حتى الآن.
ومنذ منتصف الشهر الماضي، تغير وضع الإخوان الهاربين في تركيا تماما، ليشهدوا قيودا صارمة على القادة والقنوات الإعلامية، بسبب رغبة أنقرة في المصالحة مع مصر، حيث أصدرت الحكومة التركية قرارات صارمة ضمن مساعيها لتخفيف التوتر من القاهرة وعودة العلاقات، وفرضت قيودا حادة على قنوات الإخوان المعادية لمصر، ووجهت بوقف الانتقادات للقاهرة، مهددة بالترحيل إذا لم يتم الاستجابة لتلك التعليمات.
وأبلغ النظام التركي قنوات الإخوان التي تبث رسميا من إسطنبول بضرورة وقف البرامج التي تعادي الدولة المصرية، وهم قنوات “مكملين، والشرق، ووطن”، حيث وجهت لهم تعليمات بضرورة تخفيف حدة لهجة الانتقاد.
وبسبب تلك الأزمات المتلاحقة وتفاقم مخاوف الإخوان من الترحيل، شكل التنظيم الدولي لجنة خاصة لإدارة الأزمة، وتحديد مصير المقيمين في تركيا ممن لم يحصلوا على الجنسية، ومستقبل العاملين في فضائيات إسطنبول، حال قرار السلطات التركية إغلاقها.
كما وجهت بمنع تدشين أي أحزاب سياسية إخوانية داخل تركيا، حيث أبلغت قيادات الجماعة بضرورة الالتزام لتجنب الترحيل، وأن النشاط الإعلامي لقنواتهم بإسطنبول سيكون مشروطا وبتصريح، وفي المقابل وافقت قيادات الجماعة الإرهابية مطالبة السلطات بعدم مداهمة القنوات.
وشهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترا بالغا وصل لقطيعة دبلوماسية، منذ عزل الشعب للرئيس الإخواني محمد مرسي ، في عام 2013، والذي تزعم أنقرة أنه انقلابا، لدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تدينه السلطات المصرية، كونها ثورة شعبية واضحة، متهمة تركيا بدعم جماعة “الإخوان المسلمين” التي أعلنتها القاهرة رسميا “تنظيما إرهابيا”، وفاقم الأوضاع الخلافات بينهم فيما يخص الملف السوري والليبي.