ما زالت حالة الفزع والرعب تسيطر على الأوساط الحاكمة في تركيا، إثر توقيع أكثر من 103 أميرال متقاعد في البحرية التركية، على بيان مساء السبت الماضي، مطالبين خلاله النظام التركي، بالحفاظ على التزامه باتفاقية مونترو، التي مكنتها من سلوك دور حيادي في الحرب العالمية الثانية.
البيان أثار ردود أفعال متباينة من وزراء حكومة حزب العدالة والتنمية، وصولا إلى الرئيس التركي بنفسه رجب طيب أردوغان، الذي هاجم البيان، لتحذيره من المساس باتفاق «مونترو» الخاص بحركة المرور في البحر الأسود، مطالبين بالتراجع عن تنفيذ مشروع «قناة إسطنبول».
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي، اليوم الاثنين، إنه لا يمكن قبول بيان الأميرالات المتقاعدين ضمن حرية التعبير، لأن حرية التعبير لا تتضمن جملًا فيها تهديد للسلطة المنتخبة. مضيفًا “كل من يدعم الانقلابات سيحاسبه الشعب في الانتخابات”.
وتابع: “مثل هذه الخطوات تعد إساءة كبيرة لقواتنا المسلحة الباسلة، ليس من مهام الضباط المتقاعدين نشر بيانات تتضمن تلميحات انقلابية”، زاعما أنه لم ير أي من هؤلاء الضباط إلى جانب الشعب عندما نفذت المنظمات الإرهابية محاولات انقلابية في تركيا.
وأضاف أردوغان: أنه ليس لديه أي نية في الوقت الراهن للخروج من اتفاقية مونترو (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية)، موضحًا أن معارضي مشروع قناة إسطنبول أعداء لأتاتورك والجمهورية التركية، وفق تعبيره.
في السياق نفسه، كان علق وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، على البيان الذي أصدره 104 أميرالات متقاعدين، وقال: “لن يفعل سوى الإضرار بديمقراطيتنا”.
وقال أكار: “أولئك الذين لا يرون ولا يريدون أن يروا نجاحات القوات المسلحة التركية، هم أولئك الذين أعماهم الجشع والحسد. من الواضح أن هذا البيان لا يفعل شيئًا سوى الإضرار بديمقراطيتنا، ويؤثر سلبًا على معنويات الموظفين، ويسعد أعداءنا”.
وكان البيان قد أثار الغضب في أوساط حكومة أردوغان، وبعث المخاوف من احتمالات عودة المؤشرات على تدخل عسكري في الشؤون السياسية، أو احتمال أن تشهد البلاد محاولة انقلاب جديدة ضد حكم أردوغان، الذي بات يواجه معارضة قوية منذ تطبيق النظام الرئاسي الذي منحه صلاحيات شبه مطلقة عام 2018.
من جهة أخرى، أعلن برلمانيان معارضان من حزب الشعب الجمهوري والخير تأييدهما للبيان الجماعي الذي وقعه 103 من الضباط المتقاعدين، وقال البرلماني عن حزب الخير في إزمير آيتون تشيراي: “أضع توقيعي تحت البيان بصفتي ملازماً طبياً، سواء أكان صواباً أم خطأ، كلّ ابن في هذا البلد يعبّر عن أفكاره بحرّية ضمن الدستور والقانون، سنخنق من ينوي الانقلاب باللعاب والبصق، تحيا الديمقراطية، تسقط الانقلابات”.
وقال النائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري هالوق باشكان: إنه يهنّئ كلّ الضباط الشجعان محبّي الوطن، معلناً تأييده لهم.