خلال الأيام الماضية، انقلبت أوضاع الإخوان الهاربين بتركيا، من الترف والقوة، إلى الخوف والتخبط والغضب والمهانة، حيث غدر بهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليفرض عليهم قيودا للمرة الأولى ويهددهم بالترحيل إلى السجون.
بعد أن فتح لهم أردوغان أبواب بلاده ومكنهم منها واحتضنهم، ووضعوا المخططات التخريبية لمصر والمنطقة، لتحقيق أغراضه التي أودت ببلاده للعزلة الدولية والقطيعة، انقلب عليهم الآن الرئيس التركي ووضعهم كقرابين لأجل المصالحة مع مصر وإعادة العلاقات معها، كخطوات جادة في هذا الشأن بعد عدة تصريحات لمحاولة كسب الود لاقت تجاهلا مصريا.
وخلال الساعات الماضية، أصدرت الحكومة التركية قرارات صارمة ضمن مساعيها لتخفيف التوتر من القاهرة وعودة العلاقات، حيث فرضت قيود حادة على قنوات الإخوان المعادية لمصر، ووجهت بوقف الانتقادات للقاهرة، مهددة بالترحيل إذا لم يتم الاستجابة لتلك التعليمات.
وأبلغ النظام التركي قنوات الإخوان التي تبث رسميًا من إسطنبول بضرورة وقف البرامج التي تعادي الدولة المصرية، وهي قنوات “مكملين، والشرق، ووطن”، حيث وجهت لهم تعليمات بضرورة تخفيف حدة لهجة الانتقاد.
كما وجهت بمنع تدشين أي أحزاب سياسية إخوانية داخل تركيا، حيث أبلغت قيادات الجماعة بضرورة الالتزام لتجنب الترحيل، وأن النشاط الإعلامي لقنواتهم بإسطنبول سيكون مشروطا وبتصريح، وفي المقابل وافقت قيادات الجماعة الإرهابية مطالبة السلطات بعدم مداهمة القنوات.
واتخذت أيضا قيودا ضد القيادات، حيث قررت تجميد منح الجنسية لعلاء سماحي، مؤسس حركة حسم الإخوانية، وليحيى موسى المتهم باغتيال النائب العام هشام بركات، ووضعت عددا من قيادات الإخوان تحت الإقامة الجبرية.
ولتلك القرارات، كواليس عديدة، حيث بدأت في اجتماع بين مسؤولي الحكومة التركية ومديري القنوات الإخوانية لإبلاغهم بقرارات أردوغان، ما تسبب في انتشار حالة من الذعر بين الجماعة خوفا من تسليم المطلوبين لمصر.
وكشف محرر في قناة “الشرق” لوكالة “أسوشيتيد برس” الأميركية، أن المسؤولين الأتراك أعلنوا عن قراراتهم خلال الاجتماع الذي عقد في إسطنبول يوم الخميس الماضي مع مديرين من الشرق ومكملين ووطن.
وأضاف أن الأتراك أبلغوهم أن بإمكانهم الاستمرار في تقديم برامج عن مصر ولكن ليس ضد الحكومة، لأجل إتمام مفاوضات تركيا مع مصر، مشيرا إلى أن تلك القنوات توقفت على الفور عن بث بعض البرامج السياسية.
وفي أعقاب ذلك، ورغم الخوف الإخواني المتأجج، لم يصدر أي قرار تركي رسمي في هذا الشأن، وسط تنديدات واسعة بين أفراد الإخوان، لتظهر تصريحات الإعلامي الإخواني الهارب ورئيس قناة الشرق أيمن نور لتكشف صحة ذلك.
وقال أيمن نور، في تصريحات متلفزة: إن المسؤولين الأتراك طالبوا القنوات بتخفيف حدة خطابهم، لكنهم لم يتلقوا أوامر بإغلاق أو وقف برامج البث.
وأضاف نور أنه “بدأ حوار بيننا وبين الأتراك في إطار تغيير خطاب هذه القنوات، وهو ما وافقنا عليه بالفعل”.
وبعد تلك الخطوة من أنقرة، أعرب وزير الإعلام المصري، أسامة هيكل، اليوم الجمعة، عن ترحيبه بقرار الحكومة التركية الخاص بإلزام القنوات المعادية لمصر بمواثيق الشرف الإعلامية.
واعتبر وزير الإعلام المصري هذه الخطوة بأنها بادرة طيبة من الجانب التركي، تخلق مناخا ملائما لبحث الملفات محل الخلافات بين الدولتين على مدار السنوات الماضية.
كما أشعلت تلك الخطوات الداخل التركي أيضا، حيث أعلنت المعارضة عن رغبتها في فتح صفحة جديدة مع القاهرة، معتبرة أن تلك القرارات متأخرة وجاءت بعد سنوات من إحداث التصدعات.
وقال أونال تشيفكوز كبير مستشاري الشؤون الخارجية في حزب الشعب الجمهوري المعارض بتركيا: إنه قبل تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن مصر ورغبة نظامه في التقارب معها، كان للمعارضة نفس الرأي ونادت به كثيرا طيلة السنوات الماضية، مضيفا: “تطرقنا لذلك الأسبوع الماضي وقلنا إن النظام التركي الحالي لا يفهم حضارات البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا ويخلط السياسات والأوراق ويعتقد أن ما يقوم به يفيد بلادنا.
وتابع في رسالة لأنصار أردوغان “عليكم ألا تخفوا إبهامكم بعد ذلك، في إشارة لعلامة رابعة، التي يلوح بها الرئيس التركي وأنصاره ضد مصر على خلفية اعتصام الإخوان المسلح في ميدان رابعة بالقاهرة”.