مازالت العلاقات بين أميركا وتركيا، تثير جدلا كبيرا بالعالم، منذ تولي الرئيس الجديد جو بايدن، لتنتشر عدة توقعات بشأن مستقبلها، خاصة في ظل مساعي أنقرة العديدة للتقارب إلى الإدارة الجديدة.
فقدان أردوغان لهجومه الساحر أمام صلابة بايدن، هو رأي صحيفة “تايمز” البريطانية، حيث قالت إنه بعد أعوام من مداعبة روسيا وتدليل ترامب، يجد الرئيس التركي نفسه حاليا في مواجهة شاقة مع بايدن، وهو ما يعتبر بداية غير مبشرة إطلاقًا، رغم جهود أردوغان للتقارب، من إرسال وفود تركية، وتعيين سفير جديد في واشنطن، مقرب من وزير الخارجية الأميركي.
وترى الصحيفة البريطانية أن إمكانية نجاح أردوغان في بناء علاقات جيدة مع الحكومة الأميركية، التي سبق أن أبدى رغبته في الوصول إليها، ضئيلة للغاية، وفقا لعدة مؤشرات، منها أن بايدن لم يهاتفه حتى الآن، وهو ما يجعل الرئيس التركي في موقف صعب.
واعتبرت بذلك أن الهجوم الساحر التركي بمغازلة الإدارة الأميركية الجديدة، في اتجاهه للذوبان، حيث اتهم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الأسبوع الماضي، واشنطن، بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، لتدحض وزارة الخارجية تلك الاتهامات، والتي وصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة وغير مسؤولة.
وتابعت “تايمز” أن أردوغان بات في موقف لا يحسد عليه مع بايدن، حيث إنه أثناء جلسة الاستماع بمجلس الشيوخ، التي شهدت التصديق على تعيين أنتوني بلينكين مستشارا للأمن القومي الأميركي، كانت تركيا وإيران، وكوريا الشمالية، وروسيا، والصين، تتطلب ”انتباهًا فوريًا”، ووصفها بلينكين بـ”الحليف صعب المراس”، مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي وعد بالتعامل مع السلوك التركي، الذي ينتهك القانون الدولي، وعدم التزاماتها كعضو في الناتو.
وهو ما تجده الصحيفة البريطانية أنه نذير على احتمالية فرض المزيد من العقوبات على تركيا، خاصة إذا وقعت على اتفاقية تسليم المطلوبين مع الصين، وهو ما سيجبر الإيغور بأنقرة على العودة إلى الصين، فضلا عن إمكانية إعادة فتح التحقيق مع “بنك خلق” التركي المتهم بتسهيل الالتفاف على العقوبات الإيرانية.
وعقب ذلك، أكد جون كيربي، السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية، أن إدارة بايدن لن ترفع العقوبات المفروضة على تركيا، بسبب حصولها على نظام الدفاع الصاروخي الروسي “إس 400″، إلا بضرورة تخلص تركيا من هذا السلاح، ومن ثم أبدى وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، تنازلا لحل أزمة نظام الدفاع الروسي مثلما حدث مع شراء قبرص لأسلحة روسية في التسعينيات، حيث تم إعادة بيعها إلى اليونان، واستمرت في جزيرة كريت، واستخدمت في المناورات فقط.
ونقلت “تايمز” عن بولنت أليريزا، خبير العلاقات التركية الأميركية في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، المركز الفكري، قوله: إن الصداقة بين ترامب وأردوغان أخفت الشقوق في العلاقات الأميركية التركية، رغم زيادتها بشدة مؤخرًا، لذلك مع رحيل ترامب باتت العلاقات في أزمة خطيرة.
وأضاف أليريزا أن تركيا يمكنها أن تستمر في التعامل مع روسيا إذا أرادت، ولكنها لن تستطيع ذلك، إذا كانت تريد الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة والناتو في عهد بايدن، مشيرا إلى اعتباره إعلان آكار بشأن النظام الروسي هو مجرد “عرض مرضي”، حيث يعتقد أردوغان أن التواصل مع بايدن سيؤدي إلى حل المشكلات، ولكن هذا لن يحدث.
فيما أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن أردوغان يواجه أزمة داخلية كبرى بتركيا، هي أن استطلاعات الرأي أظهرت تراجعًا كبيرًا لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أدنى مستويات شعبيته، وهو ما يصعب مهمته الداخلية، مرجحة أنه لجأ لتحسين وضعه عبر المغامرات الخارجية، بإشعال الخلافات القديمة بين تركيا وبين اليونان وقبرص في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه، ومع أرمينيا.
وأوضحت وجود أزمة اقتصادية كبيرة بتركيا أيضا، أجبرت أردوغان على الركض نحو حلفاء غربيين، أثار غضبهم في الفترة الأخيرة، من خلال بدء المباحثات مع اليونان، ودعوة رئيس المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية لزيارة أنقرة، فضلا عن التقارب مع الدولة العبرية، وتعيين سفير تركي في إسرائيل بعد عامين من خلو هذا المنصب، والتحرك ضد شبكات حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في إسطنبول، لافتة إلى أنه على أردوغان بذل المزيد من الجهد لإصلاح ما أفسده خلال الأعوام الماضية.