بعد أعوام من الفساد والانتهاكات التي رسمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدأ التغيير من سياساته حاليا في علاقته مع الغرب، لاسيما بعد رحيل نظيره الأميركي دونالد ترامب، واستعداده لخوض انتخابات رئاسية جديدة.
ورغم تلك المساعي إلا أن أردوغان تجاهل أن أخطاءه في العلاقات الدبلوماسية ضخمة كونها ثمار انتهاكات أعوام، ولا يمكن إصلاحها في أيام معدودة، حيث من الصعب للغاية تجاوز احتلاله لسوريا وليبيا، أو إسقاط الغرب للعقوبات الناتجة عن عدوانية تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط.
ومع تولي إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، تسعى لصياغة أهداف السياسة الخارجية، والمرجح فيها أن تكون تركيا واحدة من أصعب ملفاتها، حيث لن يتم التعامل معها كما كان في عهد ترامب.
ووفقاً لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فإن تركيا كانت تحت حكم أردوغان تبتعد عن الغرب، وتغازل روسيا وتقمع شعبها في الداخل، ولذلك فهي حليف صعب، لكنها لا تزال شريكًا في الناتو وقوة إقليمية.
وتابعت: إن تركيا تسببت في اشتعال غضب أميركي تجاهها من خلال شرائها نظام صواريخ “إس-400” الروسي ومطاردة القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا، وكثفت قواتها لملء الفراغ الناتج عن التراجع الأميركي في المنطقة من خلال توسيع نطاق وجودها العسكري في القوقاز والشرق الأوسط، بينما يبحث حاليا أردوغان كافة السبل لأجل إعادة ضبط العلاقات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأشارت إلى تصريحات أحد كبار مستشاري أردوغان، بعد إعلان إدارة ترامب عن عقوبات CAATSA على وكالة المشتريات العسكرية التركية بقولها: “لقد قدم لنا دونالد ترامب خدمة من بعض النواحي من خلال رفع العقوبات الأميركية عن الطريق، يمكننا المضي قدمًا على صفحة نظيفة”.
وترى الصحيفة الأميركية أن العلاقة بين أنقرة وواشنطن كانت تندرج تحت ما يسمى بأنها “شراكة إستراتيجية”، إلا أن ذلك بات أجوف نظرًا لانعدام الثقة المتبادل العميق، لافتة إلى آمال أردوغان في أن يتصرف بايدن مثل ترامب، ولكن مع صعوبة ذلك فإنه يأمل في الحصول على صفقة كبيرة تتضمن تنازلات أميركية بشأن إس-400 وسوريا، وقضية ضد بنك خلق الحكومي التركي المقامة في نيويورك.
كما أكدت أن تركيا تسعى لإجراء صفقة صعبة وهي تقرب أردوغان من بايدن بشكل شخصي، إلا أن تصريحات بلينكين تظهر أن الأميركيين ليسوا في حالة مزاجية تسمح لهم بالتعامل مع تركيا أو إعادة الوضع كما كان في عهد ترامب.
وسبق أن قال أنطوني بلينكين، وزير الخارجية الأميركي، الأسبوع الماضي: “إن الفكرة القائلة بأن شريكًا إستراتيجيًا، أو ما يسمى بشريكنا الإستراتيجي، بأنه متوافق مع أحد أكبر منافسينا الإستراتيجيين في روسيا، أمر غير مقبول، نحتاج إلى إلقاء نظرة لمعرفة تأثير العقوبات الحالية ثم تحديد ما إذا كان هناك المزيد الذي يتعين القيام به”.
ورغم ذلك، ما زالت أنقرة تسعى للتقارب مع واشنطن؛ لذلك سعت لإعادة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتواصلت مع المنافسين الإقليميين مثل المملكة العربية السعودية وإسرائيل، فضلاً عن تشجيعها الأمم المتحدة على استئناف المحادثات القبرصية بشأن تقسيم الجزيرة المستمر منذ عقود، فضلاً عن إثارتها للدهشة بإعلانها استعدادها للتطبيع مع أرمينيا، حيث تجد أن حل هذه النزاعات سيفيد بشكل كبير علاقات أنقرة مع الغرب.
واختتمت الصحيفة الأميركية تقريرها بأنها ترى أن مساعي أردوغان لا تخدم العلاقات مع الولايات المتحدة، فالعلاقات بين البلدين باتت معقدة، وقد يكون هناك المزيد من العقوبات التي تنتظر تركيا في عهد بايدن.