يدخل السودان في عام 2026 نفقًا مظلمًا لم يشهده في تاريخه المعاصر، فتحت مجهر التحليل السياسي، تبرز “دبلوماسية الفشل” التي انتهجها قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كعامل محوري في وصول البلاد إلى حافة “سيناريو التقسيم”.
فمنذ اندلاع شرارة الحرب في أبريل 2023، قادت الطموحات الشخصية للبرهان في التمسك بكرسي القيادة إلى سلسلة من القرارات الدبلوماسية والعسكرية الخاطئة التي عزلت السودان دوليًا ومزقت نسيجه داخليًا.
العزلة الدولية وسقوط رهان الشرعية
ولطالما حاول البرهان تسويق نفسه للمجتمع الدولي كصمام أمان لاستقرار السودان، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، فمنذ تحول مقر الحكومة إلى “بورتسودان”، بدأت ملامح دولة التجزئة تظهر للعيان.
حيث فشلت الدبلوماسية السودانية تحت قيادة البرهان في حشد دعم دولي حقيقي، بل على العكس، تسببت المواقف المتذبذبة في خسارة الحلفاء الإقليميين التاريخيين.
وقالت مصادر: إن رفض البرهان المتكرر لمبادرات السلام الجادة، بدءاً من منبر جدة وصولاً إلى مبادرات الاتحاد الإفريقي و”إيغاد”، وضع الجيش السوداني في خانة الطرف المعرقل للسلام، مما فتح الباب أمام فرض عقوبات دولية شلت ما تبقى من مفاصل الدولة.
طموح السلطة على أنقاض الدولة
وترى المصادر، أن المحرك الأساسي لقرارات البرهان لم يكن “حماية المؤسسة العسكرية”، بل تأمين مستقبله السياسي، هذا الطموح اصطدم بواقع ميداني مرير، حيث فقد الجيش السيطرة على مساحات شاسعة في الخرطوم ودارفور وكردفان، وبدلاً من الانخراط في تسوية سياسية تحقن الدماء، اختار البرهان التصعيد العسكري والاعتماد على “المستنفرين” وكتائب النظام البائد؛ مما أدى إلى فقدان الجيش لعقيدته الوطنية وتحوله إلى طرف في صراع أهلي واسع. هذا الارتهان لفلول النظام السابق (الكيزان) لم يعزل البرهان داخليًا فحسب، بل جعل العالم ينظر إلى الجيش كأداة لإعادة إنتاج نظام البشير بوجوه جديدة.
سيناريو “دولة بورتسودان” وبداية التقسيم
مع استمرار سيطرة قوات الدعم السريع على أجزاء حيوية من البلاد، بدأت تتبلور ملامح “سودانين”؛ أحدهما تسيطر عليه القيادة العسكرية من بورتسودان، والآخر يخضع لسلطات أمر واقع في ولايات أخرى.
إن إصرار البرهان على إدارة البلاد من “العاصمة البديلة” دون تقديم رؤية لتوحيد السودان، عزز من مخاوف الانفصال، وتُشبه الحالة السودانية اليوم سيناريوهات التقسيم التي شهدتها دول أخرى، حيث تتحول مراكز الإدارة المؤقتة إلى دويلات مستقلة بمرور الوقت نتيجة العجز عن استعادة السيطرة المركزية وفشل الدبلوماسية في فرض حل سياسي شامل.
الانهيار الاقتصادي وتآكل الحاضنة الشعبية
لا يمكن فصل الفشل الدبلوماسي عن الانهيار الاقتصادي المريع، لقد تسببت الحرب في توقف الإنتاج الزراعي والصناعي، وتحول السودان من “سلة غذاء العالم” إلى دولة تعاني من أكبر مجاعة في القرن الحادي والعشرين.
واختتمت المصادر، أن “سيناريو التقسيم” الذي يلوح في الأفق ليس قدرًا محتومًا، ولكنه النتيجة المنطقية لاستمرار السياسات الحالية.
وقالت: إن إنقاذ السودان يتطلب شجاعة سياسية تفتقر إليها القيادة الحالية، تبدأ بتوحيد القرار العسكري والسياسي بعيدًا عن تأثير “الفلول”، والانخراط الصادق في عملية سلام شاملة تعيد بناء الدولة على أسس العدالة والمساواة، وبدون ذلك، سيظل السودان يدور في حلقة مفرغة من العنف والتمزق، وسيبقى البرهان رمزًا لـ “دبلوماسية الفشل” التي أضاعت وطنًا كان يومًا منارة للقارة الإفريقية.

