في ظل المتغيرات المتسارعة على الساحة السياسية الدولية، عاد ملف “جماعة الإخوان” ليتصدر طاولات صناع القرار في واشنطن والعواصم الأوروبية.
لم يعد النقاش مقتصرًا على مراقبة أنشطة الجماعة، بل انتقل إلى مرحلة التحذير الوجودي، حيث ربطت تقارير استخباراتية وبحثية أمريكية حديثة بين “بقاء الغرب” وبين “الحظر الفوري” لنشاط التنظيم.
زلزال في واشنطن
حيث بدأت القصة بصدور تقرير أمريكي حديث أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية، حيث استخدم لغة غير مسبوقة في حدتها. التقرير، الذي أعده خبراء في شؤون الأمن القومي، شدد على أن التغلغل الناعم للجماعة في المؤسسات التعليمية والسياسية والاجتماعية في الغرب يهدف إلى تقويض القيم الليبرالية من الداخل.
لم تكن أوروبا ببعيدة عن هذه التحذيرات. ففي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات في أمريكا، بدأت دول أوروبية كبرى مثل فرنسا، النمسا، وألمانيا في اتخاذ خطوات فعلية لتضييق الخناق على الجمعيات والمراكز المرتبطة بالتنظيم.
النموذج الفرنسي والمواجهة الصريحة
وتقود فرنسا برئاسة إيمانويل ماكرون حملة شرسة ضد ما تسميه “الانعزالية الإسلاموية”. القوانين الجديدة التي سنتها باريس تهدف بشكل مباشر إلى تجفيف منابع تمويل الجمعيات التي تتبنى أيديولوجيا الإخوان، معتبرة إياها خطرًا على علمانية الدولة.
النمسا
وتعتبر النمسا من أوائل الدول التي وثقت أنشطة الجماعة بشكل علني عبر “خريطة الإسلام السياسي”، وقامت بحظر شعارات الجماعة وتصنيفها ككيان يشكل خطرًا على الأمن القومي، مما مهد الطريق لنقاش أوروبي أوسع.
هل ننتظر “ربيعًا غربيًا” ضد الإخوان؟
وترى مصادر، أن العالم يتجه نحو “تحالف أمني جديد” يركز على مكافحة الإسلام السياسي. التقرير الأمريكي الأخير قد يكون “حجر الأساس” لتشريعات قادمة في الكونجرس قد تجبر الدول الأوروبية المترددة على اتخاذ مواقف أكثر صرامة.
إذا استمرت وتيرة التحذيرات، فقد نشهد قريبًا إنشاء قاعدة بيانات موحدة لتتبع تمويل الإخوان عبر الأطلسي وإغلاق شامل للمراكز الفكرية التي يثبت ارتباطها بالتنظيم الدولي وسحب الجنسيات أو ترحيل الشخصيات القيادية التي يثبت تورطها في التحريض ضد قيم الدولة.
صراع الهوية والسيادة
إن التقرير الأمريكي الذي حذر من “زوال الغرب” ليس مجرد ورقة بحثية، بل هو انعكاس لحالة من القلق العميق في مراكز صنع القرار، والسؤال الآن ليس “هل سيتم التحرك؟”، بل “متى سيبدأ التحرك الجماعي الموحد؟”، فالمعركة الحالية ليست عسكرية، بل هي معركة قوانين، أيديولوجيا، وبقاء.

