ذات صلة

جمع

لعبة المال والدم.. كيف فجر قرار ترامب صراع “الغنيمة الأخيرة” داخل تنظيم الإخوان؟

تعيش "جبهة لندن" التابعة لتنظيم الإخوان الدولي واحدة من...

بأمر القانون.. كيف تحولت مقرات النهضة بتونس من مراكز حكم إلى “أدلة إدانة”؟

تحولت مقرات حركة النهضة “إخوان تونس”، التي كانت يومًا...

لغز الطائرة المنكوبة.. هل تتغير حسابات التنسيق العسكري بين طرابلس وأنقرة؟

في لحظة فارقة وصادمة للمشهد الليبي، تحولت سماء العاصمة...

بأمر القانون.. كيف تحولت مقرات النهضة بتونس من مراكز حكم إلى “أدلة إدانة”؟

تحولت مقرات حركة النهضة “إخوان تونس”، التي كانت يومًا ما مراكز لصنع القرار وإدارة الدولة، إلى “مسارح جريمة” ومستودعات لأدلة الإدانة.

ومع حلول عام 2025، الذي بات يُعرف شعبيًا وإعلاميًا بـ “عام المحاسبة”، أصبحت هذه المباني التي كانت تعج بالوزراء والقيادات، مجرد أطلال سياسية تخضع لحراسة أمنية مشددة بقرارات قضائية، بعد أن كشفت التحقيقات ما تخفيه جدرانها من أسرار حول “الجهاز السري” والتمويلات الأجنبية.

من “مونبليزير” إلى أروقة المحاكم

لطالما كان مقر الحركة في منطقة “مونبليزير” بالعاصمة تونس رمزاً لنفوذ راشد الغنوشي ورجاله. اليوم، وبأمر القانون، تحول هذا المقر من “مطبخ للسياسات” إلى “خزينة للمستندات” التي تدين قادة الصف الأول.

فخلال عامي 2024 و2025، نفذت وحدات مكافحة الإرهاب والجرائم المالية سلسلة من المداهمات المبرمجة بناءً على أذونات قضائية، وصادر الأمن التونسي عشرات الحواسيب والخوادم، التي كشفت عن مراسلات مشفرة تتعلق بملفات حساسة، من بينها ملف “التسفير” إلى بؤر التوتر وملف الاغتيالات السياسية.

وكشفت المعاينات الفنية عن محاولات فاشلة لإتلاف وثائق مالية تتعلق بتمويلات خارجية، أصبحت اليوم “حجر الزاوية” في قضايا تبييض الأموال المرفوعة ضد قيادات الحركة.

ملف “الجهاز السري”

وتعد قضية “الجهاز السري” لحركة النهضة الملف الأثقل الذي حول المقرات إلى أدلة جنائية. التحقيقات القضائية التي تسارعت في 2025 أثبتت وجود غرف عمليات موازية داخل بعض المقرات الجهوية والمحلية.

وعثرت السلطات على أجهزة تنصت متطورة وقواعد بيانات تتضمن معلومات شخصية عن خصوم سياسيين وقضاة وإعلاميين، وهو ما اعتبره القضاء التونسي “تأسيس دولة داخل الدولة”، كما أن الوثائق التي ضُبطت داخل المقرات المغلقة كشفت عن مخططات لاختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية؛ مما عزز التهم الموجهة للحركة بالتآمر على أمن الدولة الداخلي.

التمويل الأجنبي

وتحت شعار “المحاسبة”، ركز القضاء التونسي في 2025 على ملف “عقود اللوبي”، والتمويلات القادمة من الخارج، وأثبتت التحقيقات أن بعض مقرات الحركة كانت تُستخدم كواجهات قانونية لاستلام أموال ضخمة تحت غطاء “جمعيات خيرية” أو “مراكز دراسات”.

من السلطة إلى السجن وبدء “الإضرابات”

بالتوازي مع تحول المقرات إلى أدلة، دخل قادة الحركة في مواجهة مباشرة مع القضاء، ومع إعلان راشد الغنوشي وعلي العريض الإضراب عن الطعام في نهاية 2025.

وترى المصادر، أن هذه المحاولات تهدف للفت الأنظار بعيدًا عن “الحقائق المادية” التي عثرت عليها السلطات داخل مقراتهم، لكن الشارع التونسي، الذي يترقب نتائج “عام المحاسبة”، يبدو أكثر اهتمامًا باستعادة الأموال المنهوبة وكشف حقيقة الاغتيالات، معتبرًا أن إغلاق المقرات وتحويلها لأدلة إدانة هو “قصاص عادل” لمرحلة اتسمت بالضبابية والفوضى.

إن تحول مقرات النهضة من مراكز حكم إلى “أدلة إدانة” ليس مجرد إجراء أمني، بل هو تحول بنيوي في مسار الدولة التونسية نحو تكريس سيادة القانون، فعام 2025 كشف أن “الغرف المظلمة” التي تُدار منها السياسة لا يمكن أن تصمد طويلاً أمام قضاء قرر فتح الملفات بجرأة، لتظل تلك المقرات المغلقة شاهدًا صامتًا على صعود وسقوط تنظيم راهن على “التمكين” فخانه “القانون”.