في خطوة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية، تسلمت السلطات الأمنية التونسية دفعة جديدة من المعدات والتجهيزات الأمنية المتطورة بقيمة تقارب 1.4 مليون دولار.
تأتي هذه المنحة في توقيت بالغ الحساسية، حيث تسعى تونس لتعزيز قبضتها الأمنية على الحدود وتجفيف منابع “الخلايا النائمة” التي ما تزال تتحصن في المناطق الجبلية والوعرة.
تفاصيل المنحة الأمريكية
وأعلنت السفارة الأمريكية في تونس، بالتنسيق مع وزارة الداخلية التونسية، أن المعدات التي تبلغ قيمتها 1.4 مليون دولار تشمل أجهزة تكنولوجية ولوجستية فائقة التطور، تهدف إلى رفع كفاءة الوحدات الخاصة في ملاحقة العناصر الإرهابية.
وتتضمن الشحنة أنظمة مراقبة واستطلاع من كاميرات حرارية وأجهزة رؤية ليلية متطورة تمكن القوات من العمل بدقة عالية في الظلام الدامس والمناطق الجبلية ومعدات حماية شخصية من سترات واقية وخوذات متطورة مصممة لمواجهة المتفجرات والشظايا وأجهزة اتصالات مشفرة لضمان التنسيق السريع والآمن بين الوحدات الميدانية وغرف العمليات المركزية دون اختراق ووسائل نقل ودعم لوجستي مجهزة للتعامل مع التضاريس القاسية في المرتفعات الغربية التونسية.
لماذا تصر واشنطن على دعم تونس أمنيًا؟
وقالت مصادر: إن الولايات المتحدة تعتبر تونس “شريكًا أساسيًا غير عضو في الناتو”، وهي مكانة تمنح تونس أولوية في الحصول على الدعم العسكري والتدريب.
وتعود أسباب هذا الدعم المستمر -وفق ما طرحته المصادر- إلى استقرار البوابة الشمالية لأفريقيا، حيث تدرك واشنطن أن استقرار تونس هو مفتاح لاستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط، ومنع تدفق المهاجرين والمسلحين نحو أوروبا، ومحاصرة التمدد الداعشي في ليبيا، حيث تشكل الحدود التونسية-الليبية هاجسًا أمنيًا كبيرًا، والدعم الأمريكي يهدف بالأساس إلى تأمين هذه الحدود ومنع تسلل العناصر الإرهابية العابرة للحدود، ونجاح النموذج الأمني التونسي، حيث أثبتت قوات الأمن والجيش في تونس كفاءة عالية في إحباط مخططات كبرى؛ مما شجع واشنطن على ضخ المزيد من الاستثمارات الأمنية لتعزيز هذا النجاح.
الخطر الخفي الذي يهدد “الخضراء”
وأوضحت المصادر، أنه رغم النجاحات الأمنية الكبيرة التي حققتها تونس في القضاء على قيادات تنظيم “جند الخلافة” و”كتيبة عقبة بن نافع”، إلا أن تقارير استخباراتية تشير إلى وجود خلايا نائمة تعتمد استراتيجية “الذئاب المنفردة”، هذه الخلايا تختبئ في المدن وتنتظر لحظة الضعف للقيام بعمليات مباغتة.
لذا، فإن المعدات الأمريكية الجديدة، وخاصة أجهزة التنصت والمراقبة الرقمية، تستهدف كشف هذه الخلايا قبل تحركها، مما ينقل الاستراتيجية الأمنية التونسية من “رد الفعل” إلى “الضربات الاستباقية”.
هل اقتربت ساعة الحسم؟
وقالت المصادر: إن الحسم النهائي مع الإرهاب لا يعتمد فقط على المعدات العسكرية، بل يحتاج إلى تجفيف منابع التمويل وهو ما تفعله تونس حاليًا عبر الرقابة الصارمة على الجمعيات المشبوهة واستئصال الفكر المتطرف من جذوره عبر التعليم والخطاب الديني المعتدل.
وأشارت المصادر، أن وصول درع واشنطن بـ 1.4 مليون دولار يضع تونس على أعتاب مرحلة “التطهير الشامل”، فالمعدات الجديدة توفر “التفوق التكنولوجي” الذي كان ينقص الوحدات الميدانية في بعض المواجهات السابقة.
يذكر أنه منذ عام 2011، قدمت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار كمساعدات أمنية وعسكرية لتونس، وتعتبر منحة الـ 1.4 مليون دولار الحالية جزءًا من برنامج سنوي مستمر، يعكس التزام البيت الأبيض ببناء مؤسسة أمنية تونسية قوية قادرة على حماية التحول الديمقراطي والاستقرار الإقليمي.

