عاد ملف الصراع الأميركي الصيني إلى واجهة النقاش الاستراتيجي، بعد تسريب تقرير عسكري “سري للغاية” يكشف صورة قاتمة عن استعداد الولايات المتحدة لأي مواجهة محتملة مع بكين، خصوصًا في حال تحركت الصين عسكريًا ضد تايوان.
التقرير، وما أثاره من ضجة، يُسلّط الضوء على فجوة تتسع بين القدرات الأميركية التقليدية والطفرات التكنولوجية التي حققتها الصين خلال العقد الأخير.
اختبارات المحاكاة تكشف هشاشة الردع الأميركي
التقييم الذي تناولته وسائل إعلام أميركية وضع سيناريوهات مفترضة لحرب تدور حول منع غزو صيني لتايوان، وانتهى بنتائج صادمة: خسارة الولايات المتحدة لأكبر حاملة طائرات تمتلكها وتراجع قدرتها على حماية خطوطها البحرية.
فقد أظهرت المحاكاة أن السفن الأميركية الضخمة، وعلى رأسها حاملة الطائرات “جيرالد فورد”، أصبحت أهدافًا سهلة أمام ترسانة الصين المتطورة التي تضم مئات الأسلحة الفائقة السرعة.
هذه النتائج تُظهر أن واشنطن، رغم تفوقها التاريخي، قد تجد نفسها مكبّلة في مواجهة قوة تكنولوجية صاعدة تبني عقيدتها العسكرية على مزيج من السرعة والدقة والتشتيت متعدد الجبهات.
ترسانة صينية تتنامى.. وتوازنات عالمية تتغير
يقدم التقرير صورة لجيش صيني يزداد قدرة على إرباك أي تدخل أميركي في غرب المحيط الهادئ. فالصين لم تعد تعتمد على القوة العددية وحدها، بل على مزيج من الغواصات النووية وصواريخ بعيدة المدى وقدرات سيبرانية تتيح لها تعطيل الأقمار الاصطناعية الأميركية، ما يجعل ساحة المعركة أكثر تعقيدًا وتشتتًا.
ومع اقتراب المهلة التي يُعتقد أن بكين تستهدفها لحسم ملف تايوان، تتزايد خشية المؤسسات الأميركية من قدرة الصين على تغيير قواعد اللعبة. ويعيد التقرير التأكيد على أن المجال الجوي والبحري المحيط بتايوان بات مغطى بشبكات كثيفة من الصواريخ، تجعل أي تدخل أميركي مكلفًا إلى حد يصعب تحمله.
منطق الحرب التقليدية.. مأزق البنتاغون
تسري في أروقة واشنطن انتقادات واسعة للنهج العسكري الأميركي الذي يعتمد على حاملات طائرات عملاقة ومنصات تقليدية ضخمة، في وقت تتجه فيه الحروب الحديثة نحو السرعة، والانتشار المنخفض الكلفة، والضربات الدقيقة.
والتقرير يلمّح إلى أن الاستمرار بالأسلوب القديم سيجعل الولايات المتحدة عرضة لخسائر غير مسبوقة في أي مواجهة كبيرة.
وتبرز بذلك معضلة جوهرية: هل يمتلك الجيش الأميركي القدرة على إعادة تشكيل نفسه بما يتلاءم مع الحروب المستقبلية، أم أن البيروقراطية والعقيدة الحالية ستظل تعطل التغيير المطلوب؟
تصاعد التحذيرات.. والصين تراقب
يكشف التقرير أن مؤسسات الأمن القومي الأميركية أصبحت أكثر صراحة في التحذير من التراجع الاستراتيجي. وبينما تتحدث القيادة الصينية بشكل متزايد عن “استعادة تايوان”، يرى خبراء الدفاع في واشنطن أن بكين تستعد لعمل عسكري قد لا يكون بعيدًا.
وتتزامن هذه المخاوف مع محاولات أميركية لتعزيز تحالفاتها في آسيا، من اليابان إلى الفلبين، إلا أن التحديات الداخلية تجعل جاهزيتها محل شك.

