في خطوة غير متوقعة، كشفت مصادر مطلعة عن زيارة سرية قام بها نائب وزير الخارجية التايواني إلى إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة، في تحرك اعتبره مراقبون مؤشرًا على مرحلة جديدة من العلاقات غير المعلنة بين الجانبين.
الزيارة، التي لم تُحدَّد تفاصيل موعدها أو جدولها رسميًا، تُسلّط الضوء على مستوى من التواصل الدبلوماسي الذي يتجاوز المألوف في ظل حساسية موقع تايوان على الخريطة الدولية.
زيارة بعيدًا عن الأضواء
رغم محدودية التمثيل الدبلوماسي لتايوان حول العالم بسبب الضغط الصيني المتواصل لإقصائها، جاءت الزيارة لتعكس رغبة متزايدة لدى تايبيه في توسيع دائرة شركائها، خصوصًا مع الدول التي ترى فيها حليفًا ديمقراطيًا قادرًا على دعم قدراتها الدفاعية والتكنولوجية.
المسار الذي اتخذته هذه الزيارة جعلها محط تساؤلات، خاصة مع غياب أي بيانات رسمية من الجانبين حول طبيعة اللقاءات أو الجهات التي شارك فيها المسؤول التايواني.
الصمت الدبلوماسي لا يخلو من دلالات، إذ يفتح الباب أمام فرضيات تتعلق بقضايا حساسة، في مقدمتها تعزيز التعاون العسكري أو مناقشة برامج دفاعية جديدة.
تقاطع التهديدات وتلاقي المصالح
تتشابه المخاوف الأمنية لكل من تايوان وإسرائيل بشكل لافت، رغم اختلاف الجغرافيا؛ فتايوان تواجه تصاعدًا في الضغوط والتهديدات الصينية، بينما تعيش إسرائيل في بيئة مشحونة تهديدًا من جبهات متعددة.
التقارب في التحديات العسكرية يدفع نحو مساحات أكبر من تبادل الخبرات، خاصة في مجال الدفاع الجوي الذي أصبح محور الاهتمام في كلتا الدولتين.
تايوان كانت قد أعلنت مؤخرًا عن منظومة دفاع جوي جديدة تحمل اسم “تي-دوم”، وسط مقارنات واسعة بينها وبين منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية التي أثبتت فعاليتها خلال السنوات الماضية.
التشابه في التصميمات الدفاعية يجعل احتمالات التعاون التقني والبحثي بين الجانبين أكثر وضوحًا، رغم غياب التصريحات الرسمية التي تؤكد ذلك.
صمت رسمي يزيد الغموض
وزارة الخارجية التايوانية اكتفت بالإشارة إلى عمق “القيم المشتركة” بينها وبين إسرائيل، مؤكدة استمرار التعاون في مجالات التكنولوجيا والتجارة والثقافة، ورغم أن هذا الخطاب لا يكشف جديدًا، إلا أنه يأتي في توقيت يُحتمل أن تكون فيه الملفات الأمنية حاضرة بقوة على طاولة النقاش.
أما الجانب الإسرائيلي، فالتزم صمتًا كاملًا، ما يعزز التكهنات حول وجود محادثات فنية قد لا ترغب تل أبيب في إعلانها، تجنبًا للضغط الصيني أو لأي تداعيات دبلوماسية.
تعاون يتجاوز السياسة التقليدية
وعلى الرغم من أن الصين ترتبط بعلاقات تاريخية مع الفلسطينيين وتعترف بدولتهم منذ عقود، تواصل تايوان رسم سياسة خارجية أكثر تحفظًا تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع سعيها في الوقت ذاته إلى الاستفادة من التفوق التقني الإسرائيلي في مجالات الدفاع والذكاء الاصطناعي والأنظمة العسكرية.
العلاقات غير الرسمية بين الجانبين لم تكن وليدة اللحظة، إذ تستضيف تايوان بانتظام مسؤولين ومشرعين إسرائيليين رغم اعتراضات بكين. الجديد في هذه الزيارة هو مستوى التمثيل ونوعية الملفات التي يُعتقد أنها تمت مناقشتها خلف الأبواب المغلقة.
وفي ظل استمرار التوتر في شرق آسيا وتصاعد الصراع بين الصين وتايوان، تبدو تايبيه أكثر استعدادًا لتعزيز علاقاتها مع شركاء قادرين على دعم قدراتها الدفاعية. وإذا صحت المعلومات حول هذه الزيارة، فقد تكون بداية موجة جديدة من التعاون الأكثر حساسية بين الجانبين، خصوصًا في مجال التكنولوجيا العسكرية.

