يدخل ملف نزع سلاح حماس أخطر مراحله مع اقتراب الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب لإنهاء الحرب على غزة، فبينما تتفق الأطراف جميعًا على أن ترسانة الحركة يجب أن تزال من المشهد، يظل السؤال الذي يشعل الخلافات، كم يستغرق ذلك فعليًا؟
وهذا الملف بات حجر الأساس في أي تسوية مقبلة، خاصة أنه يتداخل مع ملفات حساسة مثل انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق جديدة في القطاع، وتشكيل مجلس السلام، وتفعيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية، ونشر قوات دولية تشرف على الاستقرار، إلى جانب بدء مسار إعادة الإعمار.
خطة معقدة بجدول زمني غير محسوم
وتقديرات متعددة تشير إلى أن تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الأميركية سيبدأ بنهاية الشهر الجاري، في وقت تستعد فيه الأطراف لبحث نموذج جديد يحدد شكل القوة العسكرية داخل غزة ما بعد الحرب.
وتضع واشنطن خطوطًا عريضة لعملية تفكيك القدرات القتالية لحماس، لكن ما يطرح داخل أروقة القرار الأميركي يبدو صادمًا لتل أبيب، إذ يجري الحديث عن فترة قد تصل إلى عامين لإتمام عملية نزع السلاح.
الامتداد الزمني يتعارض مع الرؤية الإسرائيلية التي تسعى لإنهاء الملف بأسرع وقت ممكن، باعتباره جوهر الحرب وأحد أهدافها الاستراتيجية.
إسرائيل ترى الخطر في الإطالة.. وتأهب سياسي ودبلوماسي
والفجوة بين الطرفين لم تعد سرًا، حيث وفق تقديرات متداولة في تل أبيب، فإن منح الحركة فترة طويلة للتخلي عن سلاحها قد يفشل الهدف الرئيسي للحرب من وجهة النظر الإسرائيلية.
الخلاف دفع القيادة السياسية الإسرائيلية للتحرك، وسط توقعات بأن يشكل لقاء مرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأميركي في فلوريدا فرصة حاسمة لإعادة صياغة الجدول الزمني بما يتماشى مع الرؤية الإسرائيلية.
ورغم عدم وجود ذعر معلن داخل تل أبيب، إلا أن القلق بات ظاهرًا على مستويات رفيعة، خاصة مع تزايد الحديث عن ضغوط أميركية لتطبيق خطة تدريجية تمتد لسنوات.
رؤية واشنطن.. تفكيك مرحلي ومقاربة محسوبة
الطرح الأميركي يعتمد على دمج عدة ملفات في مسار واحد، بحيث يجري نزع السلاح بالتزامن مع إعادة تشكيل السلطة المدنية والأمنية في غزة.
وتدرس واشنطن عدة نماذج لنزع السلاح، بينها آليات مبنية على “العفو مقابل التخلي عن الأسلحة”، أو حوافز مالية، أو برامج متدرجة لنقل السلاح الثقيل إلى مخازن مراقبة دوليًا، على أن تستكمل العملية لاحقًا وفق تقييمات ميدانية وسياسية.
هذه الرؤية تضع في الاعتبار قدرة الحركة على المناورة وتعقيد المشهد الأمني داخل القطاع، وهو ما يجعل التفكيك الفوري للسلاح أمرًا غير قابل للتطبيق من وجهة النظر الأميركية.
سلاحان مختلفان.. ومخزون تغيّر بفعل الحرب
داخل الحركة نفسها يجري التفريق بين نوعين من السلاح، الأول، السلاح الفردي الذي ترى حماس أنه مرتبط بالحماية والأمن الداخلي، الثاني، السلاح الاستراتيجي الذي يشمل الصواريخ ومضادات الدروع، وخلال عامين من الحرب، استهلك الجزء الأكبر من ترسانة الحركة الثقيلة، ما يجعل عملية التفكيك أقل تعقيدًا من أي وقت مضى، لكنها تظل بحاجة إلى ترتيبات وضمانات سياسية لا تقل صعوبة عن التفاصيل الأمنية.
المعادلة تبدو اليوم في مفترق طرق، إسرائيل تريد فترة قصيرة تنهي وجود السلاح سريعًا، والولايات المتحدة ترى أن التفكيك المرحلي هو الخيار الواقعي الوحيد لمنع انهيار الاتفاق.

