ذات صلة

جمع

خارطة طريق.. ما هو الدور المطلوب من الجهات الدولية الراعية لعملية السلام اليمنية؟

بينما تدخل الأزمة اليمنية عامها العاشر دون انفراجة نهائية،...

طبيعة مناورات الخارج.. كيف يُقيّم الشارع التونسي والمعارضة خطابات قيس سعيد؟

تعيش تونس منذ أشهر على وقع سجال سياسي متصاعد، مع اتساع الهوة بين الرئيس قيس سعيد ومعارضيه، وتصاعد التوتر الاقتصادي والاجتماعي الذي يضغط بشدة على الداخل التونسي.

وفي ظل هذا المشهد المضطرب، انتشرت خطابات الرئيس الأخيرة التي تحدث فيها عن مناورات الخارج ومحاولات التأثير على القرار الوطني، في خطوة حملت رسائل سياسية واضحة تجاه خصومه في الداخل، وخصوصًا تجاه القوى الدولية الداعمة لمسار الحوار أو الإصلاحات الاقتصادية.

وبينما يرى الرئيس أن البلاد تتعرض لمساعٍ خارجية للتأثير على إرادتها، تتباين تقييمات الشارع والمعارضة لهذه الخطابات، بين من يعتبرها تعبيرًا عن حماية السيادة، ومن يراها محاولة لتوجيه الأنظار عن الأزمات العميقة التي يعيشها المواطن يوميًا.

خطابات تتصاعد وتيرةً

وقالت مصادر: إنه في كل ظهور له تقريبًا، يعيد قيس سعيد التأكيد على أن تونس دولة ذات سيادة لا تقبل التدخل في شؤونها، وهي عبارة تحولت إلى مادة ثابتة في خطابه السياسي منذ عام 2021 عقب قرارات 25 يوليو التي أعادت رسم المشهد السياسي، لكن الحدّة في خطاب الرئيس خلال الأسابيع الأخيرة بدت لافتة، مع توجيه اتهامات مبطنة لقوى أجنبية تُعطّل بحسب وصفه المسار الوطني الذي اختاره الشعب.

وأوضحت المصادر، أن استخدام مصطلح مناورات الخارج بات ركيزة دعائية تسعى السلطة من خلالها لإعادة بناء صورة الدولة المهددة، على نحو يعزز التفاف جزء من المواطنين حول خطاب الرئيس، لكنه في الوقت ذاته يثير مخاوف المعارضة التي ترى فيه تكريسًا للعزلة.

المعارضة التونسية
كما تعتبر أحزاب المعارضة التونسية، أن ربط الأزمات بمناورات الخارج محاولة لتحويل الانتباه عن مسؤولية السلطة الحالية في تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتؤكد أن المسار السياسي منذ قرارات 25 يوليو أدى إلى تركيز سلطات واسعة في يد الرئيس، ما جعل النقد الخارجي طبيعيًا وليس مؤامرة.

كما ترى أطراف أخرى أن خطاب الرئيس يمثل جزءًا من استراتيجية سياسية هدفها حشد القاعدة الشعبية من جديد، بعد تراجع نسبي في التأييد الشعبي وفق تقديرات غير رسمية.

ويشير معارضون إلى أن تضخيم صورة التهديد الخارجي هو وسيلة كلاسيكية تستخدمها السلطات في فترات الاحتقان الداخلي لتأجيل الحلول وتعليق الإخفاقات على طرف خارجي.

بين الواقع الاقتصادي وخطابات السيادة

وتقول مصادر: إن التركيز المتكرر من الرئيس على موضوع المناورات الخارجية يأتي في وقت تزداد فيه الأزمات الاقتصادية حدّة، ما يدفع قطاعات من المواطنين لاعتبار هذه الخطابات محاولة لتعليق المسؤولية على أطراف خارجية.

ويشدد خبراء اقتصاد على أن الأزمة الحالية تحتاج إلى سياسة واضحة لاستعادة الثقة في المناخ الاستثماري، وتحفيز النمو، وإعادة هيكلة القطاعات الحيوية، وهي ملفات لم يحسمها خطاب الرئيس حتى الآن.

مستقبل الخطاب السياسي للرئاسة

وترجّح مصادر، أن يستمر خطاب الرئيس حول السيادة والمناورات الأجنبية خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية والبلدية المتوقعة، ويرى هؤلاء أن الرئيس يستخدم هذا الخطاب لتعزيز رواية الدولة التي تواجه ضغوطًا خارجية، وهو ما يساعده في الحفاظ على صورة المدافع عن القرار الوطني.

لكن آخرين يحذّرون من أن استمرار هذه الاستراتيجية قد يزيد من تعميق العزلة عن الشركاء الدوليين، ويُضعف فرص التوصل لاتفاقات اقتصادية ضرورية، كما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانقسام الداخلي، في ظل غياب مسار إصلاح سياسي متوافق عليه بين الرئاسة والمعارضة.