على مدى ما يقارب القرن، ظلّت جماعة الإخوان واحدة من أكثر الحركات السياسية والدينية إثارة للجدل في الشرق الأوسط، منها الاتهامات بالعنف والتنظيمات السرية.
حيث سارت الجماعة على خط متشابك جمع بين المنبر والبارود، بين الخطاب الدعوي والانخراط في صدامات سياسية وأمنية غيّرت شكل حضورها في المنطقة.
اللحظة التي اختلط فيها الدين بالسلاح
وترى مصادر، أن تأسيس النظام الخاص في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي كان نقطة التحول الأبرز، فقد شكّل هذا الجهاز الذراع العسكرية للجماعة، وتولى تنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات أبرزها اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي عام 1948، ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر في 1954، وهي محطات كانت كفيلة بنقل الجماعة من مربع الدعوة إلى مربع الصدام المباشر.
ورغم إصرار قيادات الجماعة على أن هذه العمليات تصرفات فردية أو خروقات غير منضبطة، فإن الوثائق والشهادات التاريخية تؤكد وجود بنية تنظيمية متماسكة داخل الجهاز، تعتمد على السلاح والتدريب والعمل الخفي، وتعمل بمعزل عن الهياكل الدعوية، هذه المرحلة رسّخت صورة الجماعة في الخيال السياسي المصري كتنظيم يمتلك جناحًا عسكريًا، حتى وإن حاول قيادُها التبرؤ منه لاحقًا.
انتشار الفروع
وكشفت المصادر، أنه لم يكن حضور الإخوان في مصر منفصلًا عن المشهد الإقليمي، فالجماعة لديها فروع قوية في الأردن، سوريا، تونس، المغرب، الخليج، وامتد تأثيرها إلى أوروبا.
لكن مع موجات الربيع العربي، تباينت مسارات هذه الفروع ففي تونس وصلت حركة النهضة إلى الحكم قبل أن تتراجع لاحقًا تحت ضغط شعبي وسياسي وفي المغرب تراجع حزب العدالة والتنمية بعد عقد كامل من التجربة الحكومية وفي الخليج اتخذت دولٌ مواقف صارمة وسرّعت تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي وفي سوريا انخرط جزء من الجماعة في المعارضة المسلحة خلال الحرب.
هل انتهى تأثير الجماعة؟
وأشارت المصادر، أنه على الرغم من التراجعات الكبيرة التي شهدتها الجماعة خلال العقد الأخير، فإن حضورها التنظيمي والفكري ما يزال قائمًا، وإن كان بشكل أقل تأثيرًا، فالشبكات الاجتماعية، والخلايا التنظيمية في الخارج، ومنصات التمويل والدعم السياسي، تمنحها قدرة على إعادة التكيف، حتى وإن فقدت ثقلها الشعبي في دول مركزية كمصر.
ومع ذلك، فإن العوامل التي أدت إلى تراجعها لا تزال قائمة الانقسامات الداخلية و غياب رؤية سياسية موحدة و التحول الشعبي ضد الإسلام السياسي و تشدد أمني إقليمي و انحسار التمويل الخارجي.

