أعلن العراق سلسلة إجراءات مالية تهدف إلى تجميد حسابات مصرفية وشركات وتحويلات وصلت إلى مرحلة الاشتباه الجنائي، ضمن ما بات يُعرف بمعركة المال الأسود.
وقالت مصادر: إن هذه الخطوة تأتي في ظل مساعٍ حكومية لكبح شبكات الفساد وغسيل الأموال، والتي تحولت إلى ما يشبه دولة داخل الدولة خلال العقدين الماضيين، مع امتداد نفوذها داخل المصارف، المنافذ الحدودية، والمؤسسات الاقتصادية.
لماذا تصاعدت قضية الأموال المشبوهة؟
وأكدت المصادر، أن العراق يُعد واحدًا من أكثر الدول التي واجهت تحديات متعلقة بحركة الأموال غير القانونية، نتيجة ضعف الرقابة لعقود طويلة و انتشار التعاملات النقدية بدل الإلكترونية وسيطرة جماعات مسلحة على قطاعات مالية وعمليات تهريب عبر المنافذ الحدودية وارتباط شبكات فساد داخل بعض المؤسسات، ومع تطبيق النظام المالي الدولي لمعايير الامتثال ومكافحة غسل الأموال تواجه بغداد ضغوطًا لإصلاح أنظمتها وضمان الشفافية، خصوصًا بعد إدراج مصارف عراقية على لوائح المراقبة الأمريكية.
وأوضحت المصادر، أنه مع اتساع حجم التحركات المالية المشبوهة، تحركت السلطات العراقية لإيقاف نزيف “المال الأسود” الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي والأمني.
ماذا يعني ارتفاع مستوى الاشتباه الجنائي؟
وكشفت المصادر، أن مصطلح مرحلة الاشتباه الجنائي يشير إلى أن الأدلة المتوافرة ليست مجرد مؤشرات، بل بيانات مالية وتحويلات وسياقات قانونية تجعل الملف قابلًا للإحالة إلى القضاء، وتشترك فيها عدة عوامل منها حجم تحويلات لا يتناسب مع نشاط الشركة أو الفرد وصفقات وهمية دون مستندات جمركية و شركات غير مسجلة فعليًا في السوق واستخدام وسطاء لنقل الأموال عبر دول مجاورة و تضارب البيانات بين المصارف والجهات الرقابية، وهذا هو السبب في أن التجميد جاء تعليقًا للتعامل وليس مجرد تحذير إداري.
هل سيتأثر السوق العراقي؟
وأشارت المصادر، أنه على المدى القصير، قد يشعر السوق ببعض الاضطرابات، منها تراجع سيولة بعض المصارف الخاصة و ارتفاع الطلب على الدولار في السوق الموازي وحالة حذر لدى الشركات المستوردة ولكن على المدى المتوسط، يعتقد خبراء أن الإجراءات ستؤدي إلى تعزيز الثقة بالنظام المصرفي وزيادة التدفقات المالية الرسمية و تقليل تهريب الدولار إلى الخارج و تحسن تصنيف العراق في تقارير الامتثال الدولية، فالاستثمار الأجنبي يحتاج إلى بيئة شفافة، وهذه الإجراءات تساهم في تحقيق ذلك.
هل نحن أمام بداية؟
واختتمت المصادر، أن الإجراءات الأخيرة ليست مجرد حملة مؤقتة، بل جزء من إستراتيجية واسعة عنوانها “إغلاق المجال أمام المال الفاسد مهما كان مصدره”.

