أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إشعال الجدل الدولي بعد تصريحاته الأخيرة التي أكد فيها أن بلاده ماضية في حسم معركة دونباس دون أي قيود.
الموقف، الذي جاء عقب لقاء جمعه بوفد أميركي رفيع يضم المبعوث ستيف ويتكوف وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، يعكس انتقال موسكو إلى مرحلة سياسية أكثر تشددًا، خصوصًا مع تعثر المحادثات التي يقودها البيت الأبيض لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين.
مفاوضات معقدة ورؤى متباعدة
وقال بوتين: إن واشنطن أعادت تفكيك البنود الـ27 من مقترح السلام الأميركي الذي صاغه الرئيس دونالد ترامب إلى أربع حزم تفاوضية، من دون التوصل إلى توافق مع موسكو.
كذلك أوضح أن المقترحات الأخيرة حملت نقاطًا “غير مقبولة”، وأنها اعتمدت على تفاهمات سابقة جرى الحديث عنها في قمة ألاسكا بين ترامب والمسؤولين الروس.
الاجتماع لم يسفر عن أي خرق دبلوماسي، ما يعكس حجم الهوة بين الجانبين، خصوصاً أن موسكو ترى أن المقترحات الأميركية تسعى لفرض تسوية تتجاهل ما تعتبره “الوقائع الجديدة على الأرض”، بينما تصر واشنطن على أن أي اتفاق يجب أن يضمن سلامًا طويل الأمد وفق الصيغة التي طرحتها في مفاوضات فلوريدا الأخيرة.
ردود فعل أوكرانية وأوروبية قلقة
تسريب مسودة المقترح الأميركي، الذي يتضمن 28 بندًا، أثار عاصفة من الانتقادات في كييف والعواصم الأوروبية.
وترى أوكرانيا، أن الوثيقة تمثل تنازلاً خطيرًا أمام موسكو، خصوصًا فيما يتعلق باستبعاد عضوية كييف في الناتو، والسماح لروسيا بالاحتفاظ بخمس الأراضي الأوكرانية، إضافة إلى فرض قيود عسكرية واسعة على الجيش الأوكراني.
والقوى الأوروبية سارعت إلى صياغة مقترح بديل، خشية أن يؤدي الاتفاق الأميركي المقترح إلى تغيير قواعد اللعبة في أوروبا، ويمنح موسكو شرعية أوسع للنفوذ الإقليمي.
ومن وجهة نظر هذه الدول، فإن أي اتفاق يمنح روسيا موطئ قدم رسمي في المناطق التي سيطرت عليها، قد يعد سابقة خطيرة تضعف الأمن الأوروبي وتُربك تحالفاته.
حسابات موسكو.. وطريق دونباس
المطالب الروسية التي جرى تسريبها تكشف، أن الكرملين يعتبر السيطرة على دونباس جزءًا أساسيًا من رؤيته للسلام، إضافة إلى الاعتراف بسيادته على القرم ومناطق زابوريجيا وخيرسون.
موسكو تقول: إن حماية السكان الناطقين بالروسية مسؤولية تاريخية، بينما ترى كييف أنها مجرد ذريعة لتوسيع الهيمنة الروسية بأساليب “استعمارية حديثة”، وفق وصفها.
تعهد بوتين الأخير بحسم المعركة بأي وسيلة يطرح تساؤلات حول المرحلة المقبلة، خاصة في ظل تعثر المسارات الدبلوماسية، فالتصريحات تعني إضافة ضغط عسكري جديد، وقد تعكس محاولة لتقوية موقف موسكو التفاوضي، أو ربما استعدادًا لجولة أوسع على الأرض.
مشهد دولي يزداد توترًا
الولايات المتحدة أعلنت أنها تعمل مع أوكرانيا وفق إطار عمل محدث لضمان أمن البلاد لعشر سنوات، في خطوة تبدو محاولة لطمأنة الحلفاء بعد المخاوف التي أثارتها المسودة المسربة.
إلا أن ذلك لم يخفف قلق الأوروبيين الذين يرون أن أي تهاون قد يفتح الباب أمام روسيا لفرض واقع جديد، وربما استهداف دول أخرى من أعضاء الناتو مستقبلاً.

