تعيش السويد على وقع صدمة واسعة بعد انكشاف واحدة من أخطر قضايا الفساد المرتبطة بجماعات الإسلام السياسي، عقب كشف تحقيق موسع عن شبكة مالية سرية يديرها أئمة مرتبطون بتنظيم الإخوان الإرهابي.
القضية لم تكن مجرد خلل إداري، بل منظومة كاملة عملت بسرية لسنوات داخل مؤسسات التعليم والرعاية، مستغلة الثغرات القانونية للحصول على تمويل حكومي وتحويله إلى وجهات مجهولة.
مؤسسات تعليمية تتحول إلى غطاء مالي منظم
التحقيقات قادت إلى اكتشاف خريطة معقدة لمدارس خاصة وجمعيات إسلامية استخدمت كواجهات لعمليات اختلاس ممنهجة.
والتحويلات تمت عبر فواتير تقنية مصطنعة، في محاولة لإخفاء تدفق الأموال الحقيقية، بينما تشير التقديرات إلى أن قيمة المبالغ المختلسة تجاوزت مليار كرونة، ما يضع هذه القضية ضمن أكبر الملفات المالية في القطاع التعليمي السويدي.
أسماء مصنفة أمنيًا تعود إلى الواجهة
تفاصيل القضية كشفت تورط شخصيات سبق تصنيفها كتهديد للأمن القومي عام 2019. هؤلاء الأئمة، الذين ارتبطوا سابقًا بشبهات تطرف، ظهروا في قلب شبكة مالية تستغل الدعم الحكومي الموجه للأطفال والطلاب.
التحقيقات أظهرت أن جزءًا من هذه الأموال جرى تحويله إلى حسابات خاصة أو مشاريع خارج السويد، في ظل غياب رقابة دقيقة على المؤسسات التعليمية التابعة للجماعات الدينية.
إغلاق مدارس وتتبع أموال يكشفان حجم الاختراق
السلطات السويدية أغلقت خلال السنوات الماضية عددًا من المدارس المرتبطة بهذه الشبكة، بعضها بقرارات أمنية مباشرة وأخرى بعد مخالفات مالية جسيمة.
عمليات التتبع المالي أظهرت أساليب أشبه بالعمل العصابي، تشمل شركات وهمية ووسطاء وأوراقًا محاسبية ملفقة، ما كشف مدى قدرة الشبكة على التغلغل داخل بنية التعليم والرعاية الاجتماعية.
خسارة مزدوجة للمجتمع والدولة
الضرر الذي أحدثته الشبكة لم يقتصر على نهب أموال دافعي الضرائب، بل أسهم أيضًا في تراجع جودة الخدمات التعليمية التي تموَّل من المال العام.
الأموال التي يفترض أن تُستخدم لدعم الطلاب ذهبت إلى مصالح خاصة، ما جعل السلطات تواجه تحديًا مزدوجًا يتمثل في سد الثغرات المالية وإصلاح الأضرار التي لحقت بالمدارس.
ضربة جديدة لصورة الإخوان في أوروبا
وتكشف القضية عن جانب آخر في طريقة عمل جماعة الإخوان داخل أوروبا، حيث لا تقتصر نشاطاتها على الخطاب الدعوي أو العمل السياسي، بل تمتد إلى شبكات مالية تعمل بهدوء تحت غطاء الاندماج الثقافي.
والفضيحة السويدية تمثل نقطة تحول، إذ تدفع نحو تعزيز الرقابة على المؤسسات الدينية والتعليمية، وتعيد تقييم طريقة تعامل الحكومات الأوروبية مع التنظيم وبنيته المالية.
وعقب انكشاف حجم الاختراق، تتجه السويد نحو إعادة صياغة منظومتها الرقابية بشكل أكثر حزمًا. التجربة التي كشفتها التحقيقات قد تدفع إلى إجراءات جديدة لمنع استغلال الأموال العامة عبر قنوات دينية أو تعليمية، في خطوة تهدف إلى إغلاق الباب أمام بنى مالية موازية تعمل بعيدًا عن أعين الدولة، وتعيد الثقة إلى قطاعات الرعاية التي تضررت بشدة من هذا الملف.

