ذات صلة

جمع

ليست مجرد حرب.. ما هي الظاهرة القاتلة التي يُغذّيها إرهاب الحوثي؟

إن ميليشيات الحوثي لا تُغذّي حربًا تقليدية فقط، بل...

زلزال في قرطاج.. من هم رجال الظل الذين قرروا تحدي الرئيس في تونس؟

تعيش تونس حالة سياسية استثنائية خلال الأشهر الأخيرة، بعدما...

لبنان على حافة الانفجار.. تل أبيب تلوّح بمرحلة قتال مفتوح

تتجه الساحة اللبنانية نحو مرحلة أكثر قتامة، مع تصاعد...

منصة متقدمة.. تمدد إيراني يتعمق عبر البوابة الفنزويلية

تتسع مساحة القلق الدولي حيال تنامي الحضور الإيراني في...

محاكمات في الظل.. المليشيات الحوثية تزج بـ12 مدنيًا في اتهامات مرتبطة بواشنطن

تواصل المليشيات الحوثية المدعومة من إيران توظيف القضاء كسلاح...

زلزال في قرطاج.. من هم رجال الظل الذين قرروا تحدي الرئيس في تونس؟

تعيش تونس حالة سياسية استثنائية خلال الأشهر الأخيرة، بعدما تحوّل الهدوء النسبي الذي رافق مرحلة ما بعد 2021 إلى مشهد مضطرب يتقدّم بسرعة نحو مواجهة سياسية مفتوحة.

وفي قلب هذا التحوّل، يبرز الحديث عن رجال الظل؛ شخصيات نافذة، بعضها من داخل الدولة وبعضها من خارجها، قررت وفق تسريبات ومؤشرات متواترة الدخول في حالة تحدٍ غير مسبوقة مع الرئيس قيس سعيّد، ومحاولة إعادة تشكيل موازين القوة داخل قرطاج وخارجها.

هذه الشخصيات لا تتحرك من فوق الطاولة، بل تعمل في الظل، وتدير تحركاتها عبر شبكات من العلاقات، الاتصالات، التمويل، والإعلام، في محاولة لصناعة مركز قوة بديل قادر على الضغط، وربما فرض معادلة سياسية جديدة في البلاد.

قراءة في اللحظة السياسية

وأكدت مصادر، أن تونس بعد 2021 دخلت مرحلة سياسية يغلب عليها التركيز الشديد للسلطة داخل مؤسسة الرئاسة، بعد تجميد البرلمان وإعادة صياغة النظام السياسي. ومع مرور الوقت، شعر جزء من النخبة السياسية، الأمنية، والاقتصادية أن هامش التأثير تقلّص، وأن دائرة القرار أصبحت ضيقة بشكل غير مسبوق.

وعندما تتقلص مراكز النفوذ الرسمية، عادةً ما تظهر مراكز نفوذ غير رسمية تعمل في الظل، وهنا بدأت مجموعات مختلفة تتقاطع مصالحها منها شخصيات سياسية تم إقصاؤها ورجال أعمال تضررت مصالحهم بخطوات اقتصادية صارمة ومسؤولون سابقون لديهم شبكات داخل الدولة وشخصيات أمنية متقاعدون أو من الدرجة الثانية ونخب فكرية وإعلامية ترى أن البلاد تتجه نحو “انسداد سياسي” وهؤلاء ليسوا تيارًا واحدًا، ولا تنظيمًا، إنما هم مجموعات منفصلة، لكن يجمعها شعور واحد: أن ميزان القوى تغيّر بطريقة تهدد مواقعهم أو مصالحهم.

رجال الأعمال الذين خرجوا من الدائرة

تونس شهدت حملة واسعة على رجال الأعمال المتهمين بالتهرب الضريبي والفساد، وفرضت عليهم إجراءات مالية مشددة. ورغم الترحيب الشعبي بهذه الحملة، إلا أن بعض الأسماء الكبيرة رأت أن نفوذها التاريخي يتآكل.

هذه المجموعة تضم رجال أعمال كانوا ممولين رئيسيين لأحزاب سياسية وشبكات اقتصادية لها نفوذ في قطاعات حيوية وشخصيات تمتلك علاقات خارجية قوية وتحركاتهم تتم عبر دعم وسائل إعلام محلية لخلق موجة نقد وتمويل تحركات سياسية معينة وممارسة ضغوط اقتصادية، مثل إبطاء الاستثمار أو التحكم في تدفقات السلع، هؤلاء لا يواجهون الرئيس مباشرة، لكنهم يدفعون نحو “إرباك المشهد”، بهدف إعادة التفاوض على مواقعهم داخل الدولة.

سياسيون تم إخراجهم من اللعبة

بعد قرارات 25 يوليو 2021، خرجت عدة قيادات سياسية من دائرة التأثير، سواء عبر المحاكمات أو الإقصاء أو تراجع جماهيري لكن جزءاً منهم ما يزال يمتلك شبكات أنصار وامتدادًا دوليًا وأدوات ضغط داخل بعض المؤسسات.

من أبرز هذه الفئات قيادات سابقة في أحزاب كانت حاكمة أو نافذة وشخصيات مستقلة لعبت دور الوسيط بين الدولة والخارج ووجوه سياسية قديمة ذات قاعدة شعبية محدودة لكنها مؤثرة وبعض هذه الشخصيات يعمل اليوم على بناء تحالفات جديدة “في الخفاء”، تستهدف خلق توازن سياسي، دون الظهور علنًا كمعارضة مباشرة.

رجال الدولة السابقون

هذه الفئة تُعد الأخطر والأكثر تأثيرًا، لأنها تعرف طبيعة عمل المؤسسات ومفاصل الإدارة العمومية وكيفية تحريك الرأي العام من خلف الستار وتضم هذه المجموعة ووزراء سابقين وكتاب دولة ومستشارين رئاسيين سابقين وكوادر عليا في الإدارة.

وبعضهم يشعر بأن الدولة خرجت من “النمط التوافقي” إلى “النمط الرئاسي الصارم”، وهو ما دفعهم وفق تقارير مسربة إلى بناء شبكة علاقات جديدة تسعى لإعادة توزيع النفوذ.

الضباط السابقون والأجنحة الأمنية

هذا هو القسم الذي يُثار حوله أكبر قدر من الجدل، وإن كانت المعلومات المتوافرة قليلة للغاية، حيث تشير مصادر إلى أن بعض الضباط السابقين الذين تم تهميشهم أو نقلهم من مواقع حساسة، بدأوا في بناء قنوات اتصال مع سياسيين سابقين و تقديم تقييمات أمنية موازية و محاولة التأثير على بعض القطاعات الحساسة داخل الدولة.

ورغم عدم وجود مؤشرات على أي تحرك غير قانوني، إلا أن وجود هذه الشبكات يزيد من توتر السلطة الحالية، لأنها تدرك أن “رجال الظل” داخل الأجهزة الأمنية يمثلون تحدياً حساساً.

وأوضحت المصادر، أن تونس اليوم أمام مرحلة أشبه بالزلزال السياسي، ليس لأنه محسوس في الشارع، بل لأنه يحدث في الطبقات العميقة داخل الدولة فرجال ظل قرروا تحدي الرئيس، والرئيس قرر مواجهة نفوذ ظلّمته السياسة لسنوات وما بين هؤلاء، تقف تونس أمام لحظة حاسمة قد تعيد رسم شكل السلطة لسنوات قادمة.