في نداء جديد يعكس حجم المأساة المتفاقمة، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان يقترب بسرعة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع وصول أزمة الجوع إلى مستويات تهدد حياة ملايين المدنيين.
والتحذير يأتي في وقت تشهد فيه البلاد واحدة من أشد الأزمات تعقيدًا في تاريخها الحديث، حيث تمتزج الحرب بالنزوح والجوع وانهيار البنى الأساسية للدولة.
الجوع يتمدد.. وبرنامج الأغذية يدق ناقوس الخطر
ووفق ما نشره برنامج الأغذية العالمي، فإن السودان بات ضمن أسوأ بؤر الجوع في العالم، مع عجز الملايين عن تأمين الحد الأدنى من الغذاء.
ويشير البرنامج إلى أن البلاد وصلت إلى مرحلة تتطلب تدخلاً عاجلاً وواسعاً، إذ إن استمرار الوضع الراهن يهدد بوقوع مجاعة قد تطال مناطق واسعة، خصوصاً تلك التي تشهد اشتباكات يومية وتعاني من انقطاع المساعدات الإنسانية.
ويؤكد البرنامج، أن شبكة الإمدادات الغذائية تواجه شللاً شبه كامل في العديد من الولايات، بينما تعجز فرق الإغاثة عن الوصول إلى مناطق محاصرة بفعل القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع.
أزمة نزوح غير مسبوقة.. السودان يتصدر العالم في عدد المهجرين
ويتزامن تصاعد الجوع مع واحدة من أكبر موجات النزوح في العالم، فقد تجاوز عدد النازحين واللاجئين السودانيين حاجز الأربعة عشر مليوناً، حسب تقديرات الأمم المتحدة، ما يجعل السودان أكبر أزمة نزوح نشطة على مستوى العالم.
وتشهد البلاد حركة هروب متواصلة من مناطق الاشتباكات، بينما يجد كثيرون أنفسهم في مخيمات مكتظة، تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية، من مياه الشرب إلى الغذاء والدواء.
وتعاني ولايات دارفور والخرطوم والجزيرة من أعلى معدلات النزوح، في ظل غياب أي بوادر لوقف القتال.
اليابان: المدنيون يدفعون الثمن الأكبر
في سياق متصل، أكد القائم بأعمال السفير الياباني لدى السودان كينتارو ميزوتشي، أن الحرب الحالية خلفت واحدة من أسوأ الأزمات التي شهدها السودان في تاريخه.
وأوضح أن المدنيين يتحملون العبء الأكبر لتداعيات الصراع، سواء عبر النزوح القسري أو الانهيار المقلق في الخدمات الصحية والمعيشية.
ويشير الدبلوماسي الياباني إلى أن آلاف العائلات تواجه تهديدًا مباشرًا بسبب نقص الغذاء، فيما خرجت معظم المرافق الصحية عن الخدمة نتيجة الدمار أو انعدام التمويل.
تدهور شامل.. وانعدام أفق للحل
ولا يقتصر التأثير الإنساني على الغذاء والنزوح فحسب، بل يمتد إلى انهيار كامل للقطاعات الحيوية.
فالاقتصاد السوداني يعيش حالة شلل، والبنية التحتية للخدمات الحكومية تعمل بأقل من طاقتها، فيما تتعاظم مؤشرات الانهيار الاجتماعي في ظل انعدام الأمن وتعدد بؤر القتال.
ويحذر الخبراء من أن غياب الحل السياسي يشكل العامل الأكثر تهديدًا، إذ تتسع رقعة الجوع مع استمرار حظر دخول المساعدات لبعض المناطق، وارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى مستويات تفوق قدرة معظم السكان.
أصوات دولية تتعالى.. والإنقاذ ما زال بعيدا٦
كما يرى مراقبون، أن السودان يقف اليوم على مفترق طرق خطير، حيث يختلط الانهيار الإنساني بتفكك مؤسسات الدولة، ومع غياب توافق دولي وإقليمي على مسار واضح للحل، تظل المعاناة اليومية للمواطنين في تصاعد مستمر.
ويؤكد برنامج الأغذية العالمي، أن التدخل السريع ليس خيارًا بل ضرورة ملحة، وأن التأخير قد يؤدي إلى كارثة قد تعيد إلى الأذهان أسوأ مجاعات القارة الإفريقية خلال العقود الماضية.
