ذات صلة

جمع

قبضة الظلام.. هل تحولت مدينة تعز إلى صندوق أسود يُخفي أسرار النزاع اليمني؟

تعيش مدينة تعز، ثالث أكبر مدن اليمن، مرحلة معقدة...

الحصار يتسع دوليًا.. هل يشهد العالم نهاية النفوذ لجماعة الإخوان الإرهابية؟

في خطوة وُصفت بأنها ضربة قاصمة لجماعة الإخوان المسلمين،...

ملف التمويل.. ماذا يعني حظر الإخوان في واحدة من أكبر الولايات الأمريكية؟

في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا داخل الولايات المتحدة وخارجها،...

رسالة بالنار.. ما وراء استهداف تل أبيب لقلعة حزب الله في الضاحية؟

شهدت بيروت يومًا صادمًا بعدما طالت غارة إسرائيلية مفاجئة...

استراتيجية الإرباك.. كيف يخلق إخوان السودان الفوضى لتصفية خصومهم السياسيين في الخرطوم؟

تشهد الساحة في السودان واحدة من أكثر المراحل اضطرابًا في تاريخها الحديث، حيث يستخدم تنظيم الإخوان في السودان استراتيجية ممنهجة تقوم على إشاعة الإرباك داخل الدولة، بهدف تصفية خصومه السياسيين وإعادة تموضعه في قلب السلطة بعد سنوات من سقوط نظام عمر البشير.
وتعتمد هذه الاستراتيجية، وفق محللين ومصادر، على خلق بيئة فوضوية تسمح بعودة الإخوان إلى الواجهة بوصفهم القوة الأكثر تنظيمًا داخل المشهد السوداني، مستفيدين من شبكاتهم العميقة داخل مؤسسات الدولة، وخاصة المنظومة الأمنية والمالية.

جذور الأزمة

منذ اندلاع الحرب، دخلت البلاد في حالة من الانهيار المؤسسي والفراغ السياسي، ما شكّل فرصة ذهبية لعناصر تنظيم الإخوان لإعادة بناء شبكاتهم القديمة والتغلغل مجددًا في البنية الإدارية داخل الخرطوم وولايات أخرى.

وأشارت المصادر إلى أن التنظيم يعمل وفق عقيدة الضرورة، أي استغلال الانهيار الأمني لإعادة فرض حضوره تحت غطاء الإنقاذ الوطني، وهي الصيغة التي طالما استخدمها الإخوان في تجاربهم السابقة عندما يُمنحون مساحة للعودة عبر الفوضى لا عبر الانتخابات.

استراتيجية الإرباك

يعتمد الإخوان في السودان على مجموعة من الأدوات التكتيكية لخلق حالة اضطراب متواصلة، أبرزها نشر الشائعات والتضليل الإعلامي، حيث تستخدم الجماعة منصاتها الإعلامية وصفحات تابعة لها على مواقع التواصل لنشر أخبار مضللة تستهدف التشكيك في قرارات الحكومة، وتضخيم خلافات القوى المدنية، والترويج لفكرة أن الدولة على وشك الانهيار الشامل، ما يؤدي إلى إحباط الرأي العام.

وتؤكد المصادر أن الإخوان يعيدون استخدام نفس نمط “الهجمات الناعمة” التي طبقوها إبان حكم البشير، عندما كانوا يديرون حربًا نفسية متواصلة ضد المعارضة.

وقالت المصادر إنه على الرغم من تفكيك كثير من الهياكل المرتبطة بحكومة الإنقاذ، فإن تقارير تشير إلى أن عناصر الإخوان ما زالوا يمتلكون نفوذًا داخل بعض الإدارات الحكومية، والمؤسسات الخدمية، وشبكات التمويل، والمكاتب القانونية.

ويوظف التنظيم هذه البؤر لإفشال القرارات، وإبطاء تنفيذ الإصلاحات، أو تمرير معلومات مغلوطة تربك القائمين على إدارة الدولة.

ما الذي يريده الإخوان من الخرطوم؟

وفق المصادر، يطمح الإخوان لتحقيق ثلاثة أهداف جوهرية، منها: العودة إلى الدولة عبر الفوضى، فالفوضى ـ في نظرهم ـ أفضل بيئة تتيح لحركة منظمة وقادرة على التعبئة أن تستعيد النفوذ، وإنهاء أي محاولة لبناء دولة مدنية، حيث يعتبرون الدولة المدنية خطرًا مباشرًا على بنيتهم العقائدية والتنظيمية.

واختتمت المصادر بأن المعطيات تؤكد أن استراتيجية الإرباك ليست مجرد تكتيك عابر، بل هي أداة متعمدة لدى إخوان السودان لإعادة بناء نفوذهم داخل الخرطوم، وتكشف دراسة نشاط الجماعة خلال الفترة الأخيرة أنهم يسعون إلى صناعة الفوضى لا لغياب الرؤية، بل لأنها الطريق الوحيد أمامهم للعودة في ظل رفض شعبي واسع لمرحلة البشير وحكم الإخوان.
ومع استمرار الحرب وتعمق الانهيار المؤسسي، ستظل الجماعة تحاول التغلغل، لكن نجاح أو فشل هذا المشروع سيعتمد على قدرة السودانيين، دولة ومجتمعًا، على إغلاق الفراغات التي يتسلل منها الإخوان.