أحدثت الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مبنى سكنيًا في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت صدى واسعًا، ليس فقط لأنها وقعت في واحدة من أكثر المناطق تحصينًا أمنيًا، بل لأنها طالت شخصية بارزة في الهيكل العسكري لحزب الله، تدعى هيثم علي طباطبائي.
ومع تضارب المعلومات حول مصيره، يتزايد الاهتمام بمعرفة من هو الرجل الذي وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه “عقل عسكري خطير”.
نشأة ومسار مبكر
وُلد هيثم علي طباطبائي عام 1968 في بيروت لأب إيراني وأم لبنانية، ونشأ في بيئة اجتماعية وسياسية كانت تشهد تحولات كبرى خلال الحرب الأهلية.
انضم مبكرًا إلى حزب الله، وبرز اسمه تدريجيًا داخل الأذرع العسكرية للتنظيم بفضل تكوينه العقائدي وصلابته الميدانية، قبل أن ينتقل إلى مناصب أكثر تأثيرًا مع توسّع نشاطات الحزب خارج لبنان.
قائد “الرضوان” وصاحب البصمة الخارجية
عُرف طباطبائي أكثر حين تولى قيادة قوة الرضوان، وهي وحدة النخبة المسؤولة عن العمليات النوعية. وخلال سنوات الحرب في سوريا، قاد مجموعات خاصة في مهمات شديدة الحساسية، بينما أشارت تقارير دولية إلى مشاركته في عمليات دعم حلفاء الحزب في اليمن.
هذه الخبرات عززت مكانته داخل الدوائر العليا في الحزب، ورسّخت صورته كواحد من أكثر القادة براعة في العمل العسكري غير التقليدي.
الصعود إلى رأس الهرم العسكري
بعد سلسلة من الضربات التي طالت كبار قادة التنظيم خلال السنوات الأخيرة، تولى طباطبائي موقعًا محوريًا في إعادة بناء القدرات القتالية، ليصبح عمليًا رئيس أركان حزب الله والمسؤول الأول عن هندسة الاستراتيجيات العسكرية.
وهو ما جعل الاستخبارات الأميركية تضعه على قائمة المطلوبين، وتعلن مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار لمن يزوّدها بمعلومات حول مكانه.
وبحسب متابعين، فإن دوره لم يقتصر على التخطيط العسكري، بل شمل الإشراف على تطوير منظومات التسليح وإعادة هيكلة الفرق القتالية، خصوصًا بعد الخسائر الكبيرة التي تكبّدها الحزب في مواجهات مختلفة.
شريك في القيادة العسكرية الجديدة
في العام الأخير، شارك طباطبائي في قيادة الجهاز العسكري للحزب إلى جانب القيادي محمد حيدر، وتشير مصادر متابعة إلى أن الرجلين عملا على تعزيز قدرات وحدات النخبة وتحديث البنية القتالية، استعدادًا لأي تصعيد محتمل مع إسرائيل.
هذا النفوذ المتنامي جعل استهدافه هدفًا استراتيجيًا لتل أبيب، التي تعتبره حجر الأساس في تطوير القوة القتالية للحزب.
الاستهداف.. “رسالة متعددة الاتجاهات”
الغارة التي وقعت في قلب الضاحية الجنوبية حملت رسالة إسرائيلية واضحة مفادها أن “الخطوط الحمراء” لم تعد قائمة. وقد نقلت قنوات إسرائيلية أن العملية جرت بتنسيق مع الولايات المتحدة، فيما أشارت تقارير أخرى إلى أنها المحاولة الثالثة لاستهدافه منذ اندلاع المواجهة الأخيرة.
وفي بيان رسمي، أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهجوم نُفذ بناءً على توصية أمنية عليا، وأن الهدف كان الشخص المسؤول عن تعزيز قدرات حزب الله العسكرية خلال السنوات الماضية.
حتى اللحظة، لم يصدر تعليق رسمي من حزب الله، في وقت يسود فيه ترقّب واسع داخل لبنان، خاصة أن استهداف شخصية بهذا الوزن قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التصعيد بين الطرفين.

