في تطور لافت داخل مشهد الهدنة الهشّة في قطاع غزة، اتهمت حركة حماس، السبت، إسرائيل بـ”تحريك الخط الأصفر”، في إشارة إلى الحدود التي رسمها الجيش الإسرائيلي وفق اتفاق وقف إطلاق النار لتحديد مناطق سيطرته في شرق القطاع.
وتحتدم الاتهامات في ظل مؤشرات ميدانية تفيد بتغيير تدريجي لهذه الحدود، ما يثير تخوّفات من تقويض الهدنة وعودة التوتر إلى مستويات أعلى.
حدود افتراضية تتحول إلى واقع ميداني
وجرى تثبيت “الخط الأصفر” كعلامة ميدانية مرئية، وضع الجيش الإسرائيلي حواجزها على الأرض لتحديد نطاق انتشاره شرق قطاع غزة عقب اتفاق وقف حرب غزة.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن المنطقة داخل هذا الخط تمثل ما يزيد قليلاً على نصف مساحة القطاع، ما يجعل أي تغيير فيه ذا تبعات مباشرة على المدنيين والمنطقة العازلة ومسار التهدئة.
غير أن حركة حماس تقول: إن إسرائيل لم تلتزم بالحدود المتفق عليها، بل شرعت في دفع هذه العلامات نحو الغرب تدريجيًا، الأمر الذي تعتبره الحركة “محاولة لإعادة هندسة خطوط السيطرة دون إعلان رسمي أو تفاهمات جديدة”.
اتهامات حماس: خروقات ممنهجة تمهد لواقع جديد
وفي بيان شديد اللهجة، قالت حماس: إن “تصاعد خروقات الاحتلال يضع الوسطاء والإدارة الأميركية أمام مسؤولية التصدي لمحاولاته الرامية إلى تقويض وقف إطلاق النار في غزة”.
وأضاف البيان، أن الجيش الإسرائيلي “يواصل إزالة الخط الأصفر والتقدم به يوميًا باتجاه الغرب، ما يرافقه نزوح جماعي لأبناء شعبنا، إضافة إلى الغارات الجوية والقصف المدفعي على مناطق شرق القطاع”.
وترى الحركة، أن ما يجري ليس مجرد تغيير تقني في ترسيم المناطق، بل “خرق فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار”، يهدد بإعادة إشعال المواجهات الميدانية ويفرض على السكان مزيدًا من المعاناة والتهجير.
خسائر بشرية وتغييرات ميدانية: ثمن الخرق
وقد أكدت حماس -في بيانها-، أن “الخروقات الصهيونية الممنهجة للاتفاق” أدت إلى ارتقاء مئات الشهداء جراء الغارات وعمليات القتل المتواصلة تحت ذرائع مختلقة، مشيرة إلى أن إسرائيل أجرت تغييرات في خطوط انسحاب جيشها، بما يخالف نص الاتفاق والتفاهمات التي رافقته.
وبحسب الحركة، فإن التقدم الإسرائيلي ولو كان محدودًا، يؤدي إلى “موجات نزوح جديدة”، خصوصًا في المناطق الشرقية، حيث يتردد السكان في البقاء خوفًا من دخول القوات الإسرائيلية أو تعرضهم للنيران المباشرة وغير المباشرة.
مسؤولية الوسطاء.. ضغوط متبادلة ومعادلة معقدة
تضع هذه الاتهامات الوسطاء، وعلى رأسهم مصر وقطر والولايات المتحدة، أمام تحدي جديد في مسار الحفاظ على الهدنة.
بينما تحاول الأطراف ضبط الإيقاع الميداني والسياسي، تتصاعد الاتهامات بين الجانبين، وسط غياب مؤشرات واضحة على التزام متبادل طويل المدى.
وبينما تلتزم إسرائيل الصمت حيال الاتهامات المباشرة، يرى مراقبون، أن أي تغير ميداني قد يحول “الخط الأصفر” من أداة لتنظيم وقف إطلاق النار إلى شرارة جديدة تشعل الخلافات حول مستقبل القطاع ومصير مناطق السيطرة.

