ذات صلة

جمع

مأزق تاريخي بسبب المياه.. كيف سيؤثر نقل العاصمة على الاقتصاد الإيراني؟

أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أن نقل العاصمة أصبح...

شتاء بلا مأوى.. كارثة إنسانية تتفاقم في مخيمات النازحين بغزة

يتعرض النازحون في قطاع غزة لمشهد إنساني بالغ القسوة...

التدريب البطيء.. كيف غيّرت هجمات المسيرات الأوكرانية موازين القوى في البحر الأسود؟

رغم تواضع الموارد الأوكرانية، إلا أنها اعتمدت على سياسة...

انهيار بلا قاع.. كيف يؤثر التمويل المتدهور على قدرة المستشفيات الحكومية بلبنان؟

مع انتقال الأزمة اللبنانية من حدود الاقتصاد إلى صميم...

شتاء بلا مأوى.. كارثة إنسانية تتفاقم في مخيمات النازحين بغزة

يتعرض النازحون في قطاع غزة لمشهد إنساني بالغ القسوة مع دخول الشتاء، حيث تحولت أمطار الأيام الأخيرة إلى اختبار جديد يفوق قدرة المخيمات الهشة على الاحتمال.

وفي قطاع أنهكته أشهر طويلة من الحرب والحصار، جاءت العواصف والبرد وموجات الرياح لتكشف حجم الهشاشة التي يعيش تحتها مئات الآلاف من العائلات التي لا تملك سوى خيام مهترئة لا تقوى على الصمود أمام الطبيعة.

عاصفة تضرب الملاذ الأخير

وقد اجتاحت الأمطار الغزيرة مناطق واسعة من مخيمات النزوح، فانهارت خيام، وغرقت أخرى بما تحويه من أغطية رطبة ومتعلقات بالكاد تكفي للبقاء.

كثير من الأسر التي احتمت بالشواطئ أو الأراضي الفارغة وجدت نفسها بين ليلة وضحاها بلا سقف، بعدما حملت الرياح العاتية خيامهم أو حولتها مياه الأمطار إلى برك طينية تحاصرهم من كل اتجاه.

الخسائر التي لحقت بهذه المخيمات تجاوزت حدود ما يمكن ترميمه بجهود فردية، إذ امتدت الأضرار إلى عشرات آلاف الخيام والبنية المؤقتة التي اعتمد عليها السكان للبقاء.

وبدت مشاهد الأطفال الذين يحاولون انتشال ما تبقى من أمتعة، والنساء اللواتي يعصرن أغطية ثقيلة امتلأت بالمياه، وكأنها فصل جديد من مأساة متواصلة.

مخيمات مشبعة بالماء والبرد والفوضى

في شوارع المخيمات ومعابرها الضيقة، باتت المياه تختلط بالوحل والقمامة، بينما تحولت طرقات صغيرة إلى مجاري مؤقتة تندفع خلالها السيول نحو الخيام المكدسة.

مئات العائلات لم تجد خيارًا سوى نقل متاعها في منتصف الليل بحثاً عن بقعة أعلى أو أكثر صلابة، ومع انعدام الحماية، لجأت بعض الأسر إلى إقامة حواجز رملية يدوية أملاً في صد موجات البحر أو منع مياه الأمطار من اقتحام أماكن نومهم.

هذه الظروف لم تقتصر على المناطق الساحلية وحدها، بل طالت مساحات واسعة داخل غزة، حيث تفتقر معظم الخيام إلى أساسات مرتفعة أو شبكات صرف يمكن أن تتحمل أي هطول مطري.

ومع تراكم المياه داخل المخيمات، أصبحت الحركة شبه مستحيلة، وارتفعت حالات الانزلاق، وغرق الأطفال في برك تتشكل حول أماكن نومهم.

شبكات مدمرة تزيد من حدة الأزمة

تضررت خطوط المياه المؤقتة، وامتلأت الخزانات البدائية بمياه مختلطة بالصرف، فيما تعطلت أنظمة الصرف الصحي التي كانت تعمل بقدرة محدودة. هذا الانهيار في البنية التحتية وضع المخيمات أمام خطر صحي حاد، حيث اختلطت مياه الأمطار بمياه الصرف، وتدفقت باتجاه أماكن الإقامة المكتظة.

المنشآت الصغيرة للطاقة الشمسية التي كانت تؤمن الحد الأدنى من الكهرباء تعطلت هي الأخرى، تاركة آلاف العائلات في عتمة كاملة تزيد من صعوبة التعامل مع الفيضانات والبرد.

وفي مناطق عدة، انهارت ملاجئ طوارئ كانت مخصصة للعائلات الأكثر هشاشة، ما دفع سكانها للالتحاق بخيام أخرى مكتظة أصلاً.

أمراض تنتشر في بيئة ملوّثة

وفي ظل هذا المشهد، ارتفعت أعداد الإصابات بأمراض المعدة لدى الأطفال والكبار نتيجة تلوث المياه وسوء النظافة، ومع وجود الحفر الامتصاصية بالقرب من الخيام، وامتلائها السريع بمياه الأمطار، باتت الروائح الكريهة والبعوض والازدحام بيئة خصبة لانتشار أمراض جلدية ومعوية.

والمستشفيات التي تفتقر إلى الأدوية والمعدات تعاني بدورها من ضغط هائل، فيما تتزايد حالات الجفاف والإسهال وسوء التغذية لدى الأطفال الذين يعيشون في ظروف قاسية تستنزف مناعتهم الضعيفة.

إلى جانب ذلك، أصبحت البرك الكبيرة التي كانت تستخدم لتجميع الأمطار قبل الحرب ملوثة بالكامل، بعد أن اختلطت بأنظمة صرف مدمرة، وأصبحت تهدد المخيمات المحيطة باحتمال تدفق المياه الملوثة نحوها في أي لحظة.

ويعيش سكان غزة اليوم فصلًا جديدًا من المعاناة، حيث يتداخل البرد القارس مع الفيضانات وانهيار البنية الصحية في ظل غياب حلول متاحة.