منذ بداية مسيرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السياسية، كان أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئاسة، هو القوة الدافعة والمساعد الأهم، حتى إن البعض وصفه بـ”الرئيس المشارك” نظراً لنفوذه الواسع على القرارات الداخلية والخارجية.
وكشفت مصادر أن هذا النفوذ تحول إلى عبء سياسي ثقيل يهدد استقرار القيادة الأوكرانية في اللحظة الأكثر حساسية منذ الغزو الروسي، وسط فضيحة الفساد الأخيرة في قطاع الطاقة “إنيرجوأتوم”، والتي تنذر بتحولها إلى أكبر أزمة سياسية في زمن الحرب.
الفساد وعبء الثقة
وقالت المصادر إن الحملة ضد يرماك والهجمات التي تحاول ربطه مباشرة بفضيحة “إنيرجوأتوم” تأتي في وقت حرج لكييف، فأوكرانيا ليست بحاجة فقط إلى تعبئة عسكرية، بل إلى إقناع الحلفاء في الغرب بأنها شريك موثوق لإرسال مليارات اليورو من التمويل الحيوي.
وأوضحت أن الشبهات المتعلقة بالتلاعب بعقود حكومية وغسل ما يقرب من 100 مليون دولار، فضلاً عن اتهامات ليَرماك بمحاولة تجريد مكتب مكافحة الفساد “NABU” من استقلاليته، تقوّض هذه الثقة.
المأزق السياسي
وأكدت أن زيلينسكي يواجه مأزقاً حقيقياً، حيث تعني إقالة يرماك اعترافاً بالهزيمة وتغييراً جذرياً في استراتيجية الحكم، فيما يعني الإبقاء عليه المخاطرة بالدعم الغربي، خاصة في ظل وجود دعوات أمريكية وأوروبية مستمرة لتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد.
ما هي السيناريوهات المحتملة للرئيس زيلينسكي؟
وترى المصادر أن من بين السيناريوهات المحتملة للرئيس زيلينسكي هو الإبقاء على يرماك، لكنه سيلجأ إلى تعديل وزاري جزئي أو تعيين شخصيات من المعارضة أو ذوي السمعة النظيفة في مناصب حكومية لتهدئة المنتقدين، أو يطلب من يرماك إجازة غير محددة حتى انتهاء التحقيقات لتخفيف الضغط على الرئاسة، مع الحفاظ على إمكانية عودته لاحقاً.
ما هي البدائل المحتملة لقيادة مكتب الرئاسة الأوكرانية؟
وقالت المصادر إنه في حال اضطر زيلينسكي إلى الاستغناء عن يرماك، فإن اختيار البديل يجب أن يحقق توازناً صعباً بين الكفاءة الإدارية والقبول الدولي، ومن هذه البدائل: أليكسي دانيلوف، سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع، والذي يتمتع بخبرة واسعة في الأمن القومي والإدارة، وله علاقات جيدة مع المؤسسات العسكرية. يمثل خياراً قوياً في زمن الحرب ويضمن استمرار الولاء المطلق للرئيس.
وضمن البدائل رُجّح “دنيس شميغال”، رئيس الوزراء الحالي، والذي يمتلك خبرة في الإدارة التنفيذية والملفات الاقتصادية والمالية، وقد يتم نقله إلى منصب رئيس المكتب، لكنه قد يُعتبر أقل قوة سياسية من يرماك. وكذلك رُسلان ستيفانتشوك، رئيس البرلمان الأوكراني، وهو شخصية دستورية رفيعة يتمتع بصفة رسمية عالية، وقدومه من داخل حزب “خادم الشعب” قد يرضي النواب المنتقدين.
وضمن السيناريوهات، وفق المصادر، أن زيلينسكي قد يختار شخصية من خارج الدائرة المقربة ذات خلفية إصلاحية قوية وغير مثيرة للجدل، وربما من الجهاز الدبلوماسي أو من خبراء الاقتصاد والمحاسبة المعترف بهم دولياً، لبعث رسالة واضحة للغرب حول مكافحة الفساد.

