في السنوات الأخيرة، أصبحت ميسان العراقية نموذجًا حيًا لتأثير النزاع المسلح على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تعاني مشاريع البنى التحتية، والإسكان، والطاقة، والزراعة من تأجيلات متكررة بسبب غياب الاستقرار السياسي والأمني.
ورغم أن محافظة ميسان واحدة من أكثر المحافظات غنى بالموارد الطبيعية، لكنها في الوقت نفسه من أكثرها هشاشة أمنيًا واجتماعيًا بسبب النزاعات المسلحة التي تتجدد بين الفصائل والعشائر وقوى النفوذ المحلي.
تأثير النزاعات المسلحة على الخدمات
وقالت مصادر: إن الاشتباكات العشائرية والنزاع بين الفصائل المسلحة تؤدي إلى موجات نزوح داخلية، خصوصًا في المناطق الريفية، هذا النزوح يخلق ضغطًا على الخدمات العامة في مراكز المدن، ويؤدي إلى تكدس المدارس وتوسع العشوائيات وتراجع جودة الخدمات الصحية، كما يتسبب في تعطيل مشاريع التنمية الريفية، خصوصًا مشاريع الإرواء والزراعة والتخطيط العمراني.
وأوضحت المصادر، أن النزاعات المسلحة تخلق شعورًا لدى السكان بأن مؤسسات الدولة غير قادرة على فرض القانون و هذا يؤدي إلى لجوء الأهالي إلى القوى العشائرية بدل الشرطة و تزايد الولاءات ما قبل الدولة وضعف المشاركة المجتمعية في خطط التنمية، ومع انهيار الثقة، تفشل مشاريع “الحوكمة المحلية” التي تحتاج إلى تعاون السكان.
وكشفت أيضًا، أن الاحتكاكات المسلحة تُضعف الروابط بين العشائر والمناطق المختلفة داخل ميسان؛ مما يعيق أي مشاريع تنمية تحتاج إلى تعاون جماعي مثل شبكات الري المشتركة و مشاريع الكهرباء و تطوير الأهوار و الجمعيات الزراعية.
كيف ينعكس النزاع على مشاريع التنمية في ميسان؟
وترى المصادر، أن النزاع ينعكس على مشاريع التنمية في ميسان حيث يعمل على تعطيل مشاريع البنى التحتية وتهيمن مشكلات الأمن على العديد من مشاريع الطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي و مشاريع الإسكان و مشاريع محطات الكهرباء إما بسبب منع دخول الشركات الأجنبية، أو تهديد المقاولين، أو توقف الأعمال أثناء النزاعات.
وضمن ما يحدث بسبب النزاعات، هروب الشركات الأجنبية، في الوقت نفسه تواجه شركات النفط العالمية العاملة في ميسان تهديدات أمنية، ومطالب عشائرية وضغوطًا سياسية، وهذا يُبطئ إنتاج النفط ويعطل مشاريع تطوير الحقول.
ما هو الأثر الاقتصادي المباشر للنزاع المسلح؟
وأوضحت المصادر، أن ضمن الأثر الاقتصادي المباشر للنزاع المسلح ارتفاع تكلفة التشغيل على الشركات والمقاولين و زيادة الإنفاق على الحماية الأمنية و ضعف الثقة الاستثمارية و فقدان فرص العمل.
ما هي الحلول الممكنة لإعادة توجيه التنمية في ميسان؟
وترى المصادر، أن ضمن الحلول الممكنة ضبط السلاح وتعزيز الأمن المحلي من خلال دعم قيادة الشرطة و نشر قوات اتحادية في بؤر النزاع وجمع السلاح الثقيل و فرض القانون على الجميع دون استثناء و تعزيز دور القضاء و إشراك المجتمع المحلي و إعادة هيكلة الإدارة المحلية و تحفيز القطاع الخاص عبر ضمانات حكومية وإعفاءات ضريبية لإعادة الثقة بسوق ميسان.
واختتمت المصادر، أنّ النزاع المسلح في ميسان لا يهدد الأمن فقط، بل يضرب أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة، فبدون بيئة مستقرة، لن تنجح أي مشاريع خدمية أو استثمارات نفطية أو خطط زراعية وتبقى إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وضبط السلاح، وتحصين المؤسسات من النزاع السياسي عناصر أساسية لإطلاق تنمية حقيقية تعيد لميسان مكانتها الاقتصادية والاجتماعية في جنوب العراق.

