بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تبدو ساحات القتال كما هي فخطوط جبهات متحركة ببطء، وسط خسائر مستمرة من الطرفين، ومشهد دولي ما يزال عاجزًا عن فرض تسوية دبلوماسية.
وبينما تواصل موسكو التأكيد أن العملية العسكرية لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها، تجد كييف نفسها محاصرة بين تراجع الزخم العسكري وانسداد المسار الدبلوماسي، الأمر الذي يدفعها إلى التفكير في أوراق جديدة، وربما وسطاء جدد قادرين على فتح نافذة تفاوضية لم تُفتح بعد.
واقع سياسي مضطرب
حيث تقول المؤشرات العسكرية: إن الحرب دخلت مرحلة التثبيت، حيث تُحافظ روسيا على مكاسب ميدانية تدريجية في الشرق والجنوب وتعتمد أوكرانيا على الدفاعات الغربية الثقيلة وصواريخ بعيدة المدى دون تحقيق تقدم إستراتيجي و يتراجع الحماس الأوروبي لدعم طويل الأمد مع ضغط شعبي متزايد.
وتشهد واشنطن انقسامات داخلية حول مستوى المساعدات لكييف، ومع غياب اختراقات حاسمة، باتت أوكرانيا تواجه سؤالاً وجوديًا، كيف يمكن إحداث تغيير سياسي بدون تغيير عسكري؟
لماذا يتجمد المسار الدبلوماسي؟
وقالت مصادر: إنه يمكن تلخيص أسباب الجمود الدبلوماسي في أربعة عوامل رئيسية منها سقف المطالب المرتفع لكل طرف، و انعدام الثقة في أي عملية تفاوضية، وغياب وسيط مقبول لدى الطرفين في آن واحد و التطورات العسكرية البطيئة.
هل بدأ البحث فعلاً عن وسطاء جدد؟
وأكدت المصادر، أن التحولات السياسية الأخيرة تُشير إلى أن أوكرانيا بدأت بالفعل في اختبار مفاتيح جديدة ورغم تحفظات كييف على قرب بكين من موسكو، إلا أن الصين تُعد الطرف الدولي الوحيد القادر على الضغط الحقيقي على روسيا، وقد بدأت قنوات خلفية بالفعل بين كييف وبكين، لكنها لم تُثمر بعد.
وترى المصادر، أن أنقرة لعبت دورًا محوريًا في اتفاق الحبوب وفي الوساطات الأمنية، لكن عقبات العلاقة مع روسيا وملفات سوريا والطاقة حدّت من قدرتها مؤخرًا.
كما تزايد دور السعودية والإمارات في ملفات دولية معقدة جعل كييف ترى أنهما يمكن أن تلعبا دورًا متقدمًا، خصوصًا بحكم علاقتهما المتوازنة مع روسيا والغرب، مؤكدة أن نجاح الرياض في الوساطة بصفقات تبادل الأسرى عزز هذه الفكرة.
كيف تنظر موسكو لمحاولات الوساطة الجديدة؟
وأشارت المصادر، أن روسيا ترحب نظريًا بأي وساطة غير غربية، لكنها تشترط الاعتراف بالواقع الميداني الجديد و استبعاد مطلب انسحاب القوات الروسية بالكامل و ضمان عدم انضمام أوكرانيا للناتو، وهذا يجعل نجاح أي وساطة معتمدًا على مدى استعداد كييف للتنازل، وهو ما لا يبدو متاحًا حاليًا.
السيناريوهات المستقبلية
واختتمت المصادر، أنه مع غياب مؤشرات على اختراق قريب، يُتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تحولات تكتيكية في الدبلوماسية الأوكرانية، تعكس محاولة حقيقية لكسر الجمود، ولو عبر وسطاء لا يملكون أن يكونوا صانعي سلام كامل، بل صانعي خطوات أولى نحو التهدئة.

