في تحرك دبلوماسي وُصف بأنه الأبرز منذ اندلاع الحرب في غزة، تكثف القاهرة وواشنطن تنسيقهما لعقد قمة شرم الشيخ الدولية، التي من المنتظر أن تجمع قادة العالم لبحث آليات تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة إعمار القطاع، بعد التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
تحضيرات على أعلى مستوى
شهدت الساعات الماضية نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا بين الجانبين المصري والأمريكي، شمل اتصالًا هاتفيًا بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأمريكي ماركو روبيو، تناول الترتيبات الخاصة بالقمة من حيث المشاركين، والملفات التي ستُطرح للنقاش.
القمة، التي سيترأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تأتي بعد إعلان دخول اتفاق غزة حيز التنفيذ، ما يجعلها أول حدث دبلوماسي دولي يُعقد بعد وقف الحرب، لتحديد خريطة طريق للسلام والاستقرار في المنطقة.
وبحسب ما أفادت به مصادر دبلوماسية، فإن القمة ستركز على ثلاث قضايا رئيسية: تثبيت الهدنة، إعادة إعمار غزة، وضمان الأمن الإقليمي عبر مسار تفاوضي شامل يضم كافة الأطراف المعنية.
ترامب إلى الشرق الأوسط
أعلن الرئيس الأمريكي عزمه زيارة الشرق الأوسط خلال الأيام المقبلة، وتشمل الزيارة إسرائيل ومصر، مؤكدًا أن قمة شرم الشيخ ستكون “قمة السلام التاريخية” التي تسعى لترجمة الاتفاق المبرم إلى واقع فعلي على الأرض.
ويرى مراقبون أن مشاركة ترامب شخصيًا في القمة تحمل دلالات قوية على عودة واشنطن للانخراط المباشر في ملفات الشرق الأوسط بعد سنوات من الانكفاء النسبي.
كما تعد زيارة ترامب للقاهرة فرصة لإبراز الدور المصري المحوري في الوساطة وقيادة الجهود الإقليمية لإنهاء الحرب وتثبيت الاستقرار.
القاهرة.. مركز الثقل الإقليمي
تبدو الدبلوماسية المصرية في أوج نشاطها، بعد أن تمكنت من جمع خيوط التفاوض خلال الأسابيع الماضية وصولًا إلى الاتفاق الأخير.
ويرى محللون أن القمة تمثل تتويجًا لمسار طويل من الوساطات المصرية، التي حافظت على قنوات تواصل مفتوحة مع جميع الأطراف المتنازعة، في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات تمر بمنعطفات بالغة التعقيد.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الخارجية المصري خلال اتصالاته مع نظيره الأمريكي أن القاهرة ماضية في جهودها لتثبيت وقف إطلاق النار، مشددًا على أن حل الدولتين هو الضمان الوحيد للاستقرار طويل الأمد.
حدث دبلوماسي غير مسبوق
قمة شرم الشيخ المقبلة لا تُعد مجرد اجتماع عابر، بل حدثًا دبلوماسيًا غير مسبوق يجمع أطراف النزاع ورعاة الاتفاق والجهات المانحة، في مشهد يعكس تحولًا في مقاربة المجتمع الدولي للأزمة الفلسطينية.
ووفق التقديرات الأولية، سيشارك في القمة عدد من القادة العرب والأوروبيين إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والبنك الدولي، تمهيدًا لإطلاق خطة دعم اقتصادي وإنساني شاملة لقطاع غزة.
ومن المنتظر أن تخرج القمة ببيان سياسي مشترك يؤكد الالتزام بوقف الحرب، ويضع جدولًا زمنيًا واضحًا لإعادة الإعمار وإعادة الحياة إلى طبيعتها داخل القطاع.
نحو مرحلة جديدة في غزة
مع اقتراب موعد القمة، تسود أجواء ترقب دولي لما يمكن أن تسفر عنه من قرارات تُعيد رسم المشهد الإقليمي بعد سنوات من التصعيد والحروب.
ويرى مراقبون أن ما يجري في شرم الشيخ لا يقتصر على إنهاء حرب، بل يفتح الباب أمام صفحة جديدة من التفاهمات بين القوى الكبرى، في وقت يحتاج فيه الفلسطينيون إلى دعم فعلي يتجاوز الشعارات.