مع بزوغ شمس الأحد، فتحت أبواب مراكز الاقتراع في مختلف المحافظات السورية إيذانًا بانطلاق انتخابات مجلس الشعب الجديد، في أول استحقاق تشريعي بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وعلى وقع إجراءات أمنية مشددة وانتشار واسع لعناصر الشرطة والجيش، بدأ الناخبون الإدلاء بأصواتهم وسط أجواء يطغى عليها الحذر والترقب، في مشهد يعكس حجم التحديات التي تواجه العملية السياسية في البلاد بعد سنوات من الحرب والانقسام.
210 مقاعد.. وهيئة جديدة بوجه قديم
اللجنة العليا للانتخابات حددت عدد مقاعد المجلس الجديد بـ210 مقاعد فقط، بانخفاض ملحوظ عن التشكيلة السابقة التي كانت تضم 250 عضوًا.
ويتوقع أن يشمل البرلمان خليط من الشخصيات السياسية المستقلة والممثلين عن القوى الحزبية الناشئة، في محاولة لصياغة توازنات جديدة داخل الحياة التشريعية السورية، وإن كانت بعض القوى السياسية ترى أن طبيعة المشهد العام ما تزال تكرس “المركزية القديمة” في إدارة الدولة.
تستمر عملية الاقتراع حتى منتصف النهار بالتوقيت المحلي، على أن تغلق الصناديق عند الساعة الثانية عشرة، لتبدأ بعدها مباشرة عمليات الفرز داخل المراكز الرئيسية في كل محافظة.
مراكز مؤمنة ومناطق مؤجلة
العملية الانتخابية تجري في معظم المحافظات السورية باستثناء مناطق محددة في محافظتي الرقة والحسكة، إضافة إلى محافظة السويداء بكامل دوائرها، حيث أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن “الظروف الأمنية والإدارية” لم تسمح بإجراء الاقتراع هناك حاليًا.
وسيحدد موعد لاحق لتلك المناطق، مع إبقاء مقاعدها البرلمانية شاغرة مؤقتًا إلى حين تهيئة الظروف المناسبة.
أما في باقي المحافظات، فقد وضعت خطط أمنية مشددة لتأمين المراكز، وانتشرت قوى الأمن الداخلي على نطاق واسع في محيط المقار الانتخابية، تحسبًا لأي محاولات لعرقلة العملية أو استهدافها.
إقبال متفاوت وحذر شعبي
منذ الساعات الأولى، سجلت حركة محدودة في بعض مراكز الاقتراع، خاصة في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب، بينما بدا الإقبال أكثر وضوحًا في المناطق الريفية التي شهدت استقرارًا نسبيًا خلال الأشهر الأخيرة.
تفاوتت آراء الناخبين بين من اعتبر الانتخابات خطوة ضرورية لاستعادة مؤسسات الدولة، ومن رأى أنها ما تزال تفتقر إلى التعددية الحقيقية، في ظل غياب أحزاب فاعلة قادرة على التأثير في المشهد السياسي الجديد.
1578 مرشحًا.. وحضور نسائي متزايد
بلغ عدد المرشحين الرسميين 1578 مرشحًا، بينهم نحو 14 في المئة من النساء، في نسبة توصف بأنها “مؤشر إيجابي” رغم أنها ما تزال دون طموحات الحركة النسائية السورية.
وتراهن الجهات المنظمة على أن المجلس المقبل سيكون أكثر قدرة على عكس التحولات التي تمر بها البلاد، وأنه قد يشكل بداية لإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة بعد عقد من الاضطرابات.
من الفرز إلى النتائج النهائية
مع إغلاق الصناديق، تبدأ اللجان المختصة بفرز الأصوات تحت إشراف مباشر من ممثلي اللجنة العليا للانتخابات، التي أكدت أن النتائج الأولية ستعلن بشكل متدرج عبر وسائل الإعلام الرسمية.
وسيُفتح باب الطعون أمام المرشحين فور إعلان القوائم الأولية، لتعقد بعدها جلسة رسمية في دمشق خلال اليومين المقبلين لإعلان النتائج النهائية واعتماد التشكيلة الجديدة لمجلس الشعب.